الصحفيون في تونس - هوامش حرية محدودة ومحرمات كثيرة

12 مارس 2010 by: trtr388

الصحفيون في 
تونس يسلكون دروبا شائكة للحصول على المعلومات

بعد إعادة انتخاب الرئيس زين العابدين بن علي في أكتوبر الماضي، راود الكثيرين من المراقبين الأمل بتخفيف القيود المفروضة على حرية الصحافة في تونس، لكن الواقع لم يتغير وما زال الصحفيون يحاولون بكل السبل الحصول على المعلومات.

 

إذا كنت كاتبا في تونس، فبإمكانك أن تعالج موضوعات ثقافية أو تناقش قضايا التعليم أو أن تتناول في مقالاتك المسائل الاقتصادية في حدود معينة، لكن الخط الأحمر يبرز بوضوح عندما يتعلق الأمر بالسياسة أو بالمشاكل في البلاد. وهناك عدد كبير من تلك الخطوط الحمراء التي لا يجب تجاوزها بأي حال من الأحوال. وراود الأمل الكثير من المراقبين في أن يخفف الرئيس زين العابدين بن علي من القيود المفروضة على حرية الصحافة، بعد إعادة انتخابه (بنسبة تصل إلى 90% حسب المصادر الرسمية) في أواخر شهر أكتوبر الماضي، إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث. وهكذا لم يتبق أمام الصحفيين سوى الاستمرار والمحاولة بكل السبل للحصول على المعلومات، وهذا يمكن أن يحدث حتى عندما يتعلق الأمر بمواضيع غير حساسة كالسياحة مثلا.
قضايا مسكوت عنها
تخصص الصحفية
 التونسية أسماء ريدان في الشؤون الثقافية لم يأت عن محض اختيار حرأسماء ريدان صحفية تونسية ولدت وترعرعت في المدينة القديمة وسط العاصمة تونس، لذا فهي تعرف ذلك الجزء من المدينة عن ظهر قلب، الأزقة والمخارج والمداخل. وهي تتابع كل الفعاليات التي تقام فيها من كرنفالات وغيرها، وذلك من منطلق عملها كصحفية متخصصة في الشؤون الثقافية بصحيفة „Le Renouveau“ أي "التجديد" الناطقة بالفرنسية. إن تخصص أسماء في الشؤون الثقافية لم يكن محض صدفة، فكما تقول تشكل الثقافة أكبر مجال يمكن الحصول فيه على بعض الحرية. وكانت أسماء تتمنى لو أتيحت لها الفرصة للكتابة في صحيفة مقربة من الحكومة، حول موضوعات أخرى بجانب تلك التي تتناول الكتب والأفلام والمهرجانات، إلا ان ذلك أمر بعيد المنال، إذ إن هناك عدد كبير من الموضوعات المهمة التي يتم ببساطة تجاهلها من قبل وسائل الإعلام التونسية.
 وكما ترى أسماء "هناك الكثير من الموضوعات المسكوت عنها، منها مثلا قضية الأمهات اللاتي يعلن أسرهن بمفردهن، أو أيضا قضية مثليي الجنس، وقائمة المحظورات طويلة، فنحن لا نتحدث أيضا حول الرجال المضطهدين في تونس، والبطالة وكيف يعيش العاطلون عن العمل.
إن "حرية الصحافة" مصطلح غريب على الشعب التونسي الذي يبلغ تعداده 10 ملايين نسمة. على الرغم من أن تونس تعتبر متقدمة بمراحل في مجالات مختلفة أخرى بالمقارنة مع البلدان العربية الأخرى، خصوصا في مجالات التعليم والاقتصاد ومحاربة الفقر. و كانت تونس أيضاً رائدة فيما يتعلق بالمساواة بين الرجل والمرأة. ومن هنا جاءت آمال الكثيرين بأن تشهد البلاد أيضا المزيد من الانفتاح في مجال حرية الصحافة، بعد إعادة انتخاب الرئيس بن علي قبل حوالي ستة أشهر. إلا أن العديد من المراقبين يعتقدون بأن الرئيس لم يقدم على خطوة من ذلك القبيل، لخشيته من إفلات زمام السلطة من بين يديه، خصوصا وأن الصورة لم تتضح بعد بشأن من سيخلفه على كرسي الحكم.
ثالوث المحرمات
تناول رأس 
الدولة بأنباء غير 
 وفي قائمة منظمة "مراسلون بلا حدود" جاءت تونس في المرتبة 154 ضمن 175 دولة، وتعتبر هذه المرتبة متأخرة للغاية حتى بالمقارنة مع محيطها العربي. وطبقا لمنظمات غير حكومية ناشطة في مجال الحريات، فإن الرئيس زين العابدين بن علي يعتبر من بين 40 شخصية على نطاق العالم توصف بأنها معادية بشكل خاص لحرية الصحافة.
وكان للصحفي منير سويسي تجربته مع مقص الرقابة، فالخطوط الحمراء في تونس هي نفسها الخطوط الحمراء في بقية البلدان العربية، كما يلخص الصحفي التونسي. وهو يعدد أضلاع مثلث الممنوعات أو ما يعرف بثالوث المحرمات بالقول" لا يسمح بنشر أخبار غير طيبة عن رئيس الدولة أو الملك، كما يحظر تناول كل ما يمس الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان. وأخيرا الحديث حول غياب حرية الصحافة ممنوع."

هامش أكبر من الحرية
لكن ومن منطلق عمله كمراسل لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، فإن سويسي يتمتع بهامش أكبر من الحرية مقارنة بزملائه الآخرين. وهو يعلق على تغير أسلوب معاملته منذ بدء تعاونه مع وكالة الأنباء العالمية الشهيرة قائلا"هم يحترمونني الآن ويقدمون لي المساعدة، لا أدري ما الدافع وراء ذلك، ربما يريدون أن يظهروا بأن هناك صحفيين في تونس يمكنهم العمل بحرية ولا بد أن أقول هنا إنني محظوظ لعملي لدى وكالة أنباء عالمية كبيرة مثل (د ب أ)." ثم يشير الصحفي التونسي الى أنه عمل لدى جهات إعلامية رسمية كثيرة، إلا أن عمله الحالي لا علاقة له البتة بالجهات الرسمية.

أرسل إلى خبرية
...تحت تصنيف: