الموت في مصر ... أغلى من تكاليف الحياة!

28 مايو 2009 by: trtr388


من الطبيعى أن نقرأ إعلاناً عن بيع احدى الوحدات
السكنية أو أحد الشاليهات في أحد المصايف للهروب من الحر القاتل إلى نسمات البحر
العليل، ومن الجائز أيضاً أن يعلن عن بيع سيارة أو أحد المقتنيات الثمينة، لكن
الغريب أن ترى إعلاناً عن بيع «مقبرة».
وليست الغرابة وحدها في هذا الإعلان الذي يدعو للاستعداد إلى الموت، لكن الغريب والمثير للدهشة هو قيمة المبلغ المطلوب، فقد طلب المعلن الذي رغب في بيع مقبرته عن طريق إعلان في احدى الصحف، مبلغ مليون جنيه ثمناً لها، حيث جاء فيه «لظروف السفر .. مقبرة بمصر الجديدة للبيع .. مطلوب مليون جنيه».مقابر الأقباطأسعار المقابر في مصر، خاصة مقابر الأقباط، شهدت ارتفاعا كبيراً جدا حيث وصلت بعض مدافن الأقباط التابعة للكنيسة الأرثوذكسية إلى أكثر من مليون جنيه نتيجة لنقص مقابر الأقباط في القاهرة.وتمتلك الكنيسة الكثير منها في مختلف المحافظات، لكنها تعاني نقصا شديدا في القاهرة، وخلال الفترة الماضية قررت فرض رسوم جديدة على المدافن وطالبت البعض من الذين لم يدفعوا الرسوم الجديدة بغرامات، حيث قامت إدارة المدافن البطريركية بفرض 200 جنيه سنوياً قابلة للزيادة على كل من «مدافن الجبل الأحمر بالعباسية، ومدافن دير الأنبا شنودة بالوفاء والأمل، ومدافن القطامية، ومدافن مارمينا بمصر القديمة، ومدافن الفيوم وغيرها»، وبررت تلك الغرامات بأنها نتيجة لخدمات نظافة وتأمين وغفر.الجديد هنا أن بعض الأقباط ذهبوا إلى إدارة المدافن في الكاتدرائية الكبرى في العباسية وهددوا باللجوء للقضاء الإداري لوقف هذه الرسوم الجديدة .. والبعض الآخر رفض دفعها. راعي كنيسة القديس مار جرجس وعضو المجلس الملي القمص صليب متى ساويرس قال: من حق الكنيسة وإدارة المدافن زيادة الرسوم، فالمقابر قديمة وتم بناؤها منذ القرن الماضي. والامر يحتاج الى صيانة ومصاريف حراسة.ممنوع رفع الدعاوىوأكد أن المسيحيين ليس لهم الحق في رفع دعاوى قضائية ضد الكنيسة، فالعقد شريعة المتعاقدين، وأوضح أن ما يفعله هؤلاء له مسمى وهو «التمرد»، فالكنيسة تقدم لهم الكثير من الخدمات، لذلك من حقها أن تطالبهم برسوم نتيجة هذه الخدمات، فالكثير من المقابر الآن وضعت فيها أشجار وحدائق.مستشار البابا شنودة الثالث الدكتور نجيب جبرائيل قال لـ «القبس»: هناك حقيقة لا يمكن إنكارها وهي أن تكاليف الموت أصبحت أغلى من تكاليف الحياة، بمعنى أن الانسان في مصر أصبح يعول همّ موته، اكثر من همّ حياته، فنجد أن الكثيرين يدخرون من أموالهم ومن أقواتهم من أجل هذه الساعة وهي ساعة الموت.. وتجهيز المقبرة تأسيساً على غلاء أسعار المقابر، وتحولت المقابر الى نوع جديد من البزنس، حيث يحصل البعض على قطع من الأراضي يتم تخصيصها من المحافظة مثلاً لعمل المقابر، فيقوم هؤلاء التجار بتقسيم قطعة الأرض وبيعها مقابر للمواطنين وبأسعار فلكية محققين أرباحاً طائلة. ولم تعد الأزمة في مصر أزمة طعام وشراب فقط بل أصبحت أزمة موت.الموت والطبقيةالمقابر ليست استثناء من التقسيم المجتمعي، كانت تلك وجهة نظر الكاتب الصحافي ورئيس تحرير جريدة «القاهرة» صلاح عيسى الذي قال: منذ القدم هناك مقابر للسادة ومقابر للفقراء، ومقابر الصدقة، واخرى للمجهولين، كما أن هناك مقابر خاصة بالعائلة المالكة في مسجد الرفاعي، فدائماً هناك الصفوة، والأغنياء، والصعاليك.وأضاف: يبدو أن صاحب المقبرة التي تم الإعلان عن بيعها في الصحف بمبلغ مليون جنيه أنشأ مقبرة فيها تجهيزات خاصة، أو أنها لشخص من أسرة ثرية بالغت وتفننت في إقامتها، وهذا لا يمكن قياسه على عموم المصريين، فمثلا المطرب عبد الحليم حافظ لديه مقبرة ضخمة صنعت من الرخام ولها حوش خاص، على خلاف مقابر أخرى للفقراء، وعلى قدر قيمة الفرد في الحياة تكون كذلك مقبرته في الآخرة.


أرسل إلى خبرية
...تحت تصنيف: