لافتات "الموت لاوباما" تثير مخاوف جدية بشأن سلامته الشخصية

17 أغسطس 2009 by: trtr388


قال تقرير صحافي بريطاني نشر اليوم الاحد ان المخاوف بشأن سلامة الرئيس الاميركي باراك اوباما وصلت الى حدود خطرة نتيجة تصاعد درجات التطرف الذي يغذيه الجدل حول برنامجه لاصلاح الرعاية الصحية الذي اعرب عن ثقته بانه سيحظى بتوافق وطني، وذلك رغم الانتقادات الشديدة التي يتعرض لها هذا المشروع.

وكتب اوباما في مقال في صحيفة "نيويورك تايمز: "انا واثق بانه بعد ان يتم قول كل شيء، سنصنع التفاهم الذي نحتاج اليه لتحقيق هذا الهدف". واضاف "نحن اقرب الى انجاز الاصلاح المتعلق بالتامين الصحي اكثر من اي وقت".

واكد اوباما ان جمعية الممرضين الاميركيين وجمعية الاطباء الاميركيين تؤيدان هذا الاصلاح، لافتا الى توافق واسع داخل الكونغرس على نحو ثمانين في المئة مما ينبغي القيام به. وتتضمن خطة اوباما امكان الافادة من تامين صحي حكومي، الامر الذي انتقده الجمهوريون بشدة.

وقالت صحيفة "ذي اوبزيرفر" ان مقدمي برامج تلفزيونية اميركية عبروا علنا عن تحفظاتهم بشأن خطة اوباما، ووصفوه بأنه تهديد للديمقراطية، وانه عنصري مناهض للبيض. فيما استغل جمهوريون الجدل الضاري ونعته بـ"اشتراكي يخطط لـ"فرق موت" للمسنين".

وكتب مراسل الصحيفة يقول ان: "الرسالة كانت واضحة. واللافتة التي رفعها شخص عمرها 51 عاما الاسبوع الماضي خارج قاعة بلدية هاجيرزتاون في ماريلاند خلال اجتماع حول برنامج الرعاية الصحية كانت تحمل عبارة "الموت لاوباما". وللتأكيد على وجهة نظره، كتب رسالة اخرى ايضا بعجالة على لافتة من الورق المقوى. وبدأت الرسالة بعبارة: "الموت لاوباما وميشيل وطفلتيه السخيفتين".

مرحبا الى الوجه الجديد المقلق لليمين الراديكالي في اميركا. ويتصاعد التطرف في انحاء البلاد، ويذكيه مضيفو البرامج الحوارية المحافظون، بتشجيع من قادة جمهوريين وسلسلة منتشرة من نظريات المؤامرة الجامحة. ويخشى الكثيرون من ان ذلك قد يتنهي بمأساة.

وكان مقدمو برامج بارزين في قناة "فوكس نيوز" الاخبارية اوباما قد وصفوا بأنه تهديد للديمقراطية وعنصري مناهض للبيض. ووصفه جمهوريون، استغلوا الجدل الضاري حول خطط اوباما لاصلاح نظام الرعاية الصحية، بأنه اشتراكي يخطط لـ"فرق موت" للمسنين. وسرت شائعات بأن اوباما لم يولد في اميركا وانه يعتزم حظر الأسلحة. ورغم عدم وجود اساس لها في الواقع، فانها اصبحت مصدقة على نطاق واسع. واظهر استطلاع جرى مؤخرا في فيرجينيا ان 53 بالمائة فقط من المستطلعة آراؤهم يعتقدون ان اوباما ولد في اميركا. وفي نورث كارولينا المجاورة، شاطرهم 54 بالمائة من المشاركين في الاستطلاع هذا الرأي.

ويتحول مثل هذا التطرف الى قضية امنية رئيسية، ويزيد مخاوف من شن هجوم على حياة الرئيس او نوع آخر من حوادث الارهاب المحلي. وقال تشيب بيرليت، وهو مؤلف كتاب عن متطرفي الجناح اليميني: "ان هذا وضع خطير جدا يمكن ان يشوش اذهان افراد من (الذئاب المنفردة) الذين يمكن ان يقرروا ان الوقت قد حان للتحرك ضد اشخاص يعتبرونهم اعداء".

واطلقت السلطات الفيدرالية برنامجا لمحاولة رصد اي افراد قد يخططون لهجمات يمينية شبيهة بتلك التي اودت مؤخرا بحياة طبيب للاجهاض في كانساس وحارس امن اسود في متحف المحرقة في العاصمة واشنطن.

وفي الوقت ذاته، اصدرت مجموعة الرقابة "مركز ساوثيرن بوفيرتي القانوني" تقريرا يحذر من ارتفاع اعداد مجموعات المليشيات اليمينية العنيفة. ووجدت المنظمة ان عدد جرائم الكراهية قد ارتفع من 602 عام 2000 الى 926. ونقل التقرير عن بارت ماكينتاير، احد مسؤولي الشرطة الاتحادية، قوله: "ان هذا اكبر نمو نشهده خلال 10 الى 12 عاما. وكل ما يفتقر اليه هو الشرارة".

ويعتقد كثير من الخبراء ان الشرارة لم تعد ناقصة. ويقود نقاد ان سياسيين جمهوريين اطلقوا موجة من الغضب المرتبط بالجدل حول الرعاية الصحية. وعندما تغذي هذا الجدل قضايا عنصرية وازمة اقتصادية، فقد يصبح من المستحيل السيطرة عليه. وقال البروفسور جيمس كوركوران من جامعة سيمونز ومؤلف كتابين عن الارهاب المحلي الاميركي: "ان فكرة انه سيكون باستطاعتهم السيطرة على ما اطلقوا العنان له هي خاطئة ببساطة".

وتحرك قادة جمهوريون لتقويض خطط اوباما الصحية عن طريق تأجيج الاساطير والاكاذيب عن النظام الصحي. ورفضت سارة بيلين التراجع عن تعليقاتها حول "فرق الموت" على الرغم من حقيقة ان الجزء الذي تشير اليه من مشروع قانون الرعاية الصحية لا يدعو الى تشكيل مثل هذه الأشياء وان احد زملائها في الحزب الجمهوري قام بصياغته. وكان جمهوريون آخرون صاخبين بالدرجة نفسها في مهاجمتهم لاوباما.

وحذر السيناتور تشاك غارسلي من ايوا ناخبيه من ان خطة اوباما قد "تسحب اجهزة الانعاش عن الجدة". وبعث السيناتور السابق ريك سانتوريوم، وهي مرشح رئاسي محتمل في عام 2012، برسالة اليكترونية مؤخرا يحذر فيها من ان اوباما "مصمم على اعادة صنع اميركا كمدينة اشتراكية فاضلة". وأبلغ عضو الكونغرس جون سوليفان من اوكلاهوما انصاره في ولايته بأن اوباما يكوّن "قائمة اعداء" من معارضي الرعاية الصحية.

ولكن نغمات متنافرة من الهذر والادعاءات التي لا اساس لها هي اعلى صوتا على محطات اذاعة وتلفزة يمينية. وزعم غلين بيك، مقدم البرامج على "فوكس نيوز" – والذي جذب الاهتمام البريطاني الاسبوع الماضي في اعقاب مقابلة سلبية حول برنامج الرعاية الصحية مع عضو البرلمان المحافظ دانييل هانان- ان اوباما يكره البيض. وقال بيك: "اعتقد ان هذا الرجل عنصري". وناقش بيك ايضا المزاعم بأن اوباما ينشىء شبكة معسكرات اعتقال سرية واطلق دعابة حول تسميم عضو الكونغرس الديمقراطية نانسي بيلوسي. وفي هذه الاثناء، شبّه راش ليمباف، الذي يستمع ملايين الأميركيين الى عرضه الاذاعي الاسبوعي، الديمقراطيين بحزب نازي. ولعل بعض المتظاهرين على برنامج الرعاية الصحية اقتنعوا بكلامه حيث رفعوا لافتات تظهر صلبان معقوفة وصورة لأوباما مع شارب هتلر.

وربما كانت ما تسمى بحركة "مكان الميلاد" هي التي حققت لليمين الراديكالي معظم الجذب. وتشدد الاسطورة، التي اتضح زيفها، على ان اوباما لم يولد في اميركا. واشاع الكثير من السياسيين الجمهوريين فكرة تستند الى ادعاء زائف بأن اوباما لا يستطيع عرض شهادة ميلاد. والتقطت وسائل الاعلام هذا العنوان، ومن بينها منافذ اعلامية رئيسية مثل "سي ان ان". ويقول خبراء ان مثل هذه اللهجة الخطابية تؤجج مشاعر افراد قد يكونون يخططون فعلا لاعمال عنف. وقال كوركوران: "انه مناخ سيبدأ فيه المتطرفون في المجتمع بالاعتقاد بأن آراءهم تمثل الاتجاه السائد".

ويحذر تقرير مركز "سوثيرن بوفيرتي" القانوني من ان حركة المليشيا في الولايات المتحدة لديها تاريخ طويل من الهجمات الصغيرة في التسعينيات، وصولا الى التفجير الارهابي للمبنى الفيدرالي في اوكلاهوما على يد تيموثي ماكفاي عام 1995. ويعتقد ان نفس النمط يمكن ان يكرر نفسه ويشير التقرير الى احداث متعددة في السنوات الاخيرة. وفي الاسبوع الماضي، حضر وليام كوستريك – وهو مدافع عن حقوق استخدام الاسلحة- مع مسدس محشو مربوط على ساقه الى قاعة بلدية نيوهامبشير التي كان يعقد فيها اوباما اجتماعا.

ولكن البعض كانوا اكثر قلقا ازاء اللافتة التي كان كوستريك يحملها والتي اشارت الى اقتباس عن الرئيس توماس جيفرسون حول انعاش "شجرة الحرية" بدماء الوطنيين. وكان هذا نفس الاقتباس المطبوع على القميص الذي كان يرتديه ماكفاي عند اعتقاله.



القدس

أرسل إلى خبرية
...تحت تصنيف: