الاغتصاب في ليبيريا إرث الحرب الأهلية الثقيل الذي لا زال المقاتلون السابقون يمارسونه

16 ديسمبر 2009 by: trtr388



تغرورق عينا المراهقة بالدموع وهي تروي كيف تم اغتصابها فيما كانت تبيع الفستق لتأمين اقساط مدرستها، وتتذكر كيف استدرجها الرجل الذي اعتدى عليها في العاصمة الليبيرالية مونروفيا الى غرفة مدعيا انه نسي فيها نقوده وتقول الفتاة (14 عاما) وهي تنوح "احكم قبضته على يدي واجبرني على دخول الحجرة" وتضيف "شرعت اصرخ مستغيثة. غير انه قال لي اني اصرخ من دون جدوى ذلك انه يستحيل المساس به
وتضيف الفتاة التي رفضت الافصاح عن هويتها، انها لم تكف عن الصراخ فيما كان يعتدي عليها.


وتوضح "كنت لا ازال استغيث عندما فرغ من فعله، فسمع رجل ضخم يعمل لمصلحة الحكومة صودف مروره هناك صراخي، فدفع الباب ودخل الغرفة. اعتقلوا المذنب بعدذاك، ولكن ويا للأسف بعدما كان انهى القيام بما خطط له".


وقدمت الفتاة الى احدى العيادات التابعة لمنظمة "اطباء بلا حدود" الدولية الطبية الخيرية لإجراء فحص مجاني لفيروس "ايتش اي في" المسؤول عن مرض الايدز وبغية الحصول على ارشادات تساعدها على التكيف مع هذه الصدمة.


قصتها مألوفة في هذه الرقعة من العالم حيث ضحايا ثمانين في المئة من حالات الاغتصاب التي تحصيها "اطباء بلا حدود" من الاطفال، على ما تقول تيريزا ساداي المسؤولة عن برنامج العنف الجنسي ضمن المنظمة في ليبيريا.


وينتشر الاغتصاب في هذا البلد الواقع في غرب افريقيا، ويعتبر مراقبون عدة انه بمثابة ارث الحروب الاهلية المتلاحقة التي سادت في ليبيريا بين عامي 1989 و2003.


وبحسب الارقام الرسمية يتعرض مئة امرأة وفتاة على الاقل للاغتصاب شهريا.


وتقول ساداي ان "اطباء من دون حدود"، يتلقون ستين الى سبعين حالة اغتصاب شهريا علما ان ضحايا بعض هذه الحالات اطفال لم يتجاوزوا ثمانية عشر شهرا.


ويقول عالم الاجتماع الليبيري ابيل غرانت متحدثا لوكالة فرانس برس "ابان الحرب اعتاد المقاتلون اغتصاب الضحايا من دون محاسبة. كانوا مسلحين، ولم يكن ثمة امكان لاعتقالهم او اعدامهم بسبب افعالهم، فصار هذا الفعل عادة سيئة".


ويضيف "انتهت الحرب راهنا وصار يمكن المساس بالمقاتلين، غير انهم صاروا عاجزين عن وقف هذه الممارسات".


تتسبب هذه الاعتداءات بتدمير حياة الناس، غير ان المحرمات الاجتماعية الحاضرة جدا تجعل النساء والفتيات يفضلن التعاطي وحدهن مع المعاناة عوضا من المجازفة بتحمل هزء الاخرين ووصمة العار التي تلصق بهن بمجرد الاعلان عما مررن به.


ويرفض معظمهن قصد المستشفيات حتى لتلقي العلاج.


ويوجه الى النساء المغتصبات احيانا تهمة ممارسة الجنس بالتراضي واطلاق التهم الزائفة بعدذاك، ويطلب بعض الازواج الطلاق في حال تعرضت زوجاتهن للاغتصاب.


وتقول ساداي ان ما يزيد من ثقل الضغوط هو واقع ان المرأة في معظم الحالات تكون على معرفة بالمغتصب.


وتوضح "اذا ما نظرنا الى احصاءاتنا، لوجدنا ان معظم المرتكبين ليسوا غرباء بالنسبة الى ضحاياهم. هم اشخاص معروفون ويعيشون في بيئة الضحايا".


اطلقت "اطباء بلا حدود" حملة بعنوان "الاغتصاب مسألة تعالج في المستشفيات والعيادات" من اجل تشجيع الناجيات من الاغتصاب على تخطي مأساتهن واللجوء الى المراكز المتخصصة والافادة من الخدمات الطبية والارشادية المجانية.


ويرسل المسؤولون عن الحملة فرق رقص الى العاصمة مونروفيا حيث تقدم عروضا بهلوانية لاجتذاب الحشود في حين يتم امرار رسالة "اطباء بلا حدود" التي تبث ايضا من طريق الاذاعة والتلفزيون والصحف.


وحققت الرسالة نجاحا نسبيا ذلك ان عدد الاشخاص الذي يقصدون العيادات ارتفع، على ما تقول ساداي، من دون اعطاء المزيد من الايضاحات.


ويقول العالم النفساني في "اطباء بلا حدود" الياس ابي عاد "في حال كان الضحايا من الاطفال، في وسعهم احيانا التأقلم مع ما اصابهم، ويستطيعون في غضون اسبوع او اثنين المضي في حياتهم".


ويضيف "لكن عندما يصيرون راشدين، يمكن اي حدث ان يذكرهم بما مروا به. اما في حال كانت الضحية امرأة راشدة فيصعب عليها اكثر التكيف مع ما جرى لها".


لا تزال بائعة الفستق الشابة والمحطمة التي تنتظر خضوعها للعلاج في عيادة "اطباء بلا حدود" تناضل لمحاولة طي صفحة تجربتها المريرة.


وتعود لتذكر "كنت ابيع الفستق لأؤمن اقساط المدرسة ذلك ان والدي لم يكونا يملكان المال لتسديدها". اما الان فقد توقفت عن ارتياد المدرسة لم اعد استطيع بيع الفستق. بت عاجزة عن ذلك

الهدهد

أرسل إلى خبرية
...تحت تصنيف: