عملة عربية مشتركة قبل 2020

09 فبراير 2010 by: trtr388



عملة عربية مشتركة قبل 2020… يا له من حلم!

الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية يتجاهل الواقع السياسي والاقتصادي للدول العربية ويؤكد أن العملة العربية الموحدة ستصدر قبل

2020


مهمتنا كصحفيين هي نقل الأخبار للقراء وما يقوله المسؤولون والمعنيون في مجال ما، وعلى الصحفي في معظم الحالات أن يترك رأيه لنفسه. ولكن في بعض الأحيان المساءلة ونقل واقع ما نراه ونعرفه هو جزء من مسؤوليتنا أيضاً. فإذا قال لي من أقابله أن الجو في الخارج صحو ورأيت أن الجو ماطر فمن مسؤوليتي أن أقول ما أراه بعيني. وعندما يقول مسؤول أن البلاد العربية ستجتمع تحت سقف اقتصاد موحد وسيكون لديها عملة عربية مشتركة خلال عشرة أعوام من واجبنا أن نقول إن هذا حلم كبير يبتعد كل البعد عن الواقع الذي نراه بأعيننا.
في مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط أمس أكد الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية الدكتور أحمد جويلي أن الانتهاء من مراحل السوق العربية المشتركة سيكون بعد 5 سنوات من الآن، وأنه سيتم إنجاز بنك عربي مركزي وعملة عربية موحدة قبل 2020. ويتساءل كازدار؟ هل هناك من خطأ ما في نقل هذا الخبر، أم أن الأمين العام يتكلم عن عالم عربي على كوكب آخر في فضاء لا يعرف به سوى الأمين العام نفسه؟
وهناك عدد هائل من الأسباب تدفعنا إلى هذا التساؤل. في البداية الوضع السياسي بين الدول العربية التي تسودها الخلافات المعروفة وغير المعروفة بين قادتها، ولا يجلس عدد كبير منهم مع بعضه البعض على طاولة واحدة باستثناء بعض اجتماعات على طاولة القمة العربية التي يتابعها معظمنا ليرى ما الجديد الذي سيأتي به السوبر ستار الإعلامي معمر القذافي. ولكن على اعتبار أن هذه الخلافات ستحل غداً بطريقة سحرية وسيعود القادة العرب ليكونوا أصدقاء وحلفاء في كل شيء، مازال هناك جبل من العقبات الاقتصادية أمام تحقيق هذا الحلم.
الاتحاد الأوربي خطط لعملته الأوربية الموحدة لمدة طويلة وأصدر الاقتصاديون من الدول الأوربية اتفاقية إطلاق عملة “اليورو” في عام 1992 والتي ضمت شروطاً اقتصادية صارمة حددت العجز في الميزانية بأقل من ثلاثة بالمئة من الدخول القومي، واشترطت أن لا تتجاوز نسبة الديون 6 بالمئة من الدخل القومي، كما اشترطت نسبة تضخم منخفضة وغيرها الكثير.
ومع العلم أن اقتصاد الدول الأوربية التي وقعت على الاتفاق هي متشابهة ومتقاربة إلى حد بعيد مقارنة مع الدول العربية، فما وجه التقارب بين اقتصاد المملكة العربية السعودية والسودان على سبيل المثال؟ ومع ذلك استغرقت الدول الأوربية 10 أعوام للوصول إلى عملتها التي أطلقت لأول مرة في عام 2002.
إلا أن جويلي رفض المقارنة بين الدول العربية والدول الأوربية وجاء في المقال “وحول المقارنة بين الاتحاد الأوروبي والدول العربية قال إنه لا وجه للمقارنة بين الجانبين، حيث إن الدول العربية حصلت على استقلالها في وقت متأخر وهي دول نامية، وفى المقابل فإن الدول الأوروبية حتى بعد الحرب العالمية الثانية لديها قاعدة اقتصادية وأصبح من اليسير عليها إقامة اتحاد أوروبي.” فإذا استغرقت هذه الدول التي يقول عنها الجويلي أنها متقدمة اقتصادياً أكثر من عشرة أعوام فعلى ماذا يبني اعتقاده بأن الدول العربية ستصل إلى عملة موحدة خلال هذه الفترة؟
فلنترك الاتحاد الأوربي جانباً على رأي الأمين العام. لحسن الحظ لدينا مثال عن محاولة بناء عملة موحدة من داخل الوطن العربي هي العملة الخليجية الموحدة. العملة كان من المفترض أن تجمع بين ست دول خليجية وأن يتم إطلاقها في 2010. ومع العلم أن البنية الاقتصادية لهذه الدول متقاربة جداً من جميع النواحي. انسحبت عمان منذ عامين من المشروع، كما قررت الإمارات صاحبة ثاني أكبر اقتصاد عربي بعد السعودية الانسحاب أيضاً العام الماضي على خلفية تسمية الرياض مركزاً البنك الخليجي المركزي. أما الدول الأربع المتبقية فهي أيضاً مازالت بعيدة كل البعد عن تحقيق هذه الوحدة بينها. وفي الشهر الماضي قال الشيخ محمد السالم الصباح وزير الخارجية الكويتي إن تبني عملة خليجية موحدة قد يستغرق ما يصل إلى عشر سنوات. وأكد أن إصدار العملة الخليجية سيستغرق وقتاً طويلاً قد يصل إلى عشر سنوات مثلما أوضح محافظ البنك المركزي أي في عام 2020.

لا شك أن فكرة العملة الاقتصادية الموحدة والسوق العربية المشتركة هي “ضرورة حتمية للأمن القومي العربي” كما قال جويلي خلال مقابلته، ولكن هل من الممكن أن يقترب تطبيقها من الواقع؟ أن يتخلص العالم من مرض السرطان على سبيل المثال هو أمر هام جداً أيضاً ولكن يجب أن نصل إلى الدواء أولاً. 



أرسل إلى خبرية
...تحت تصنيف: