أميرة الحرب الأفغانية: مقاتلون عرب تحت أمرتي

21 أبريل 2009 by: trtr388



بيبي عائشة أميرة الحرب
الأفغانية: أتوق للعودة إلى القتال
قالت إنها سلمت أسلحتها ما عدا مسدسا روسيا
.. وهاجمت تصرفات طلبان


لندن ـ محمد الشافعي


وسط الجبال التي تحيط بحدود مقاطعة باغلان الأفغانية تتحصن أميرة الحرب الأفغانية الوحيدة ضمن إقطاعيتها البعيدة، لكن سنوات بيبي عائشة المعروفة باسم «المحترمة» بدأت تقترب من نهايتها، ولكنها ستظل في ذاكرة ووجدان الشعب الأفغاني بسبب ما قدمته من تضحيات في سنوات القتال ضد الروس وتصديها لتعاليم طالبان في القرى المحيطة بها. والسيدة بيبي عائشة تبلغ اليوم من العمر 60 عاما.«الشرق الأوسط» أجرت معها حوارا عبر وزير الحج والأوقاف الأفغاني محمد صديق تشكري خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة الذي يتحدث العربية بطلاقة. تقول بيبي عائشة إنها فقدت 13 من أفراد عائلتها خلال سنوات القتال ضد الروس بينهم ولداها اللذان تعتبرهما في جنات الفردوس، وتضيف أن الحكومة الأفغانية والقوى الدولية المساندة لها طالبتها بتسليم أسلحتها، ولكنها في محافظة بغلان ما زال لديها بعض الأسلحة للمهمات الدفاعية عن القرى المحيطة بها ضد مافيا المخدرات والخارجين عن القانون. وعلى الرغم من قول بيبي عائشة أنها تعاني من ضعف البصر ولم تعد قادرة على استعمال البندقية وإصابة الهدف، فإنها لا يزال لديها نفس الحماس السابق للعودة إلى القتال الذي شكّل مصدر سمعتها خلال فترة حروب أفغانستان ضد الروس. وتقول عبر الوزير تشكري إنها تصدت لعناصر طالبان عندما كانوا يزورون القرى في شمال أفغانستان لأنهم كانوا يفرضون قيودا تشوه صورة الإسلام الحنيف، وكانوا يفسرون كل شيء لمصلحتهم الخاصة.وتضيف: «طالبان أرادت رجع المرأة إلى عهود الظلام والقرون الوسطى، ويكفي أنهم حرموا البنات من التعليم في المدارس». وتكشف بيبي عائشة أن هناك مقاتلين عربيين أحدهما سعودي والآخر جزائري حاربا تحت إمرتها في سنوات القتال ضد الروس، مشيرة إلى أن هناك نحو 150 من المقاتلين الأشداء كانوا يحاربون معها وتحت إمرتها في حدود ولاية بغلان ضد الروس، وبعضهم استشهد وبعضهم بترت أرجلهم مثل المجاهد الأفغاني عبد الغفور، «وهو ما يزال على قيد الحياة». وتؤكد تمسكها بتعاليم الدين الحنيف في أنها كانت تخرج إلى القتال ضد طالبان وضد الروس مع محرم، زوجها وأولادها.
وتنفي أنها قابلت أسامة بن لادن في سنوات القتال ضد الروس ولكنها كانت تسمع عنه من المقاتلين العرب الذين كانت تلتقيهم أو يمرون بمنطقة بغلان. وينقل الوزير تشكري على لسانها أن أموال الجهاد صرفتها على المقاتلين الذين مروا بظروف صعبة بعد سقوط طالبان، ولا تملك اليوم درهما أو دينارا. وتقول بيبي عائشة إنها سلمت جميع أسلحتها باستثناء مسدس المكاروف الروسي المعلق على كتفها، وتقول أن ما أزعجها في عملية تسليم أسلحتها هو تسليمها بندقية إنجليزية قديمة ماركة «لي إنفيلد» حيث كانت تُعتبر البندقية الفضلى في المنطقة قبل وصول بنادق كلاشينكوف الروسية الشائعة. وخاضت بيبي عائشة معارك ضد حركة طالبان والقوات الروسية والعديد من منافسيها المحليين في جبال نارين بمقاطعة بغلان التي ينتشر في أرجائها حطام الدبابات السوفياتية وحركة طالبان القديمة. وتقول: «لا تزال لدي الرغبة في خوض القتال»، نافية أن يعوق موقع المرآة في المجتمع الأفغاني عملها في جبهات القتال الأمامية، مؤكدة: «لا فرق بين الرجل والمرآة في القتال، فالمهم وجود القلب المقاتل». والتنازل الوحيد الذي قدمته هو إصرارها على اصطحاب أحد أقاربها من الرجال في أثناء خوضها للمعارك، تماشيا مع التقاليد الأفغانية بضرورة مرافقة الرجل للمرأة خارج المنزل. وبالنسبة إلى وضع المرأة الأفغانية تقول بيبي عائشة ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط»: «أن معاناة المرأة الأفغانية لم تنته بعد، لأنها ميراث قرون من العادات والتقاليد التي لن يتم تغييرها بين ليلة وضحاها، فالخروج من المنزل للدراسة أو العمل، أو حتى التحدث مع الرجال، كان ممنوعا بحكم الدين بالمفهوم البشتوني، إذ منعت حركة طالبان النساء من الذهاب إلى المدارس التي أغلقت أبوابها بأعداد كبيرة منذ سيطرة طالبان على العاصمة كابل في سبتمبر عام 1996، وفرضهم تفسيرهم الخاطئ للشريعة الإسلامية بالقوة على الناس، وحتى اليوم المرأة الأفغانية محرومة من كثير من جوانب الحياة، وجاء القانون الأخير ليفرض عليها نوعا جديدا من التهميش. وتضيف: «لكم أن تتصوروا أن شرطة طالبان أصدرت مرسوما ينص على منع النساء من الخروج من المنازل وامتناعهن عن أي حركة من شأنها لفت انتباه الناس». وتوضح: «رغم أن وصول طالبان إلى الحكم وضع بشكل كبير حدا للحرب الأهلية بين فصائل المجاهدين في العاصمة الأفغانية التي قسمت البلاد وأراقت الدماء، فقد شكل أيضا بداية مرحلة من البؤس والشقاء للأفغان، خصوصا الأطفال والنساء اللائي دفعن الفاتورة الكبرى، حيث توقفت حياتهن تماما، وكان ظهور جزء صغير من القَدم يعرّض المرأة للضرب من قِبل شرطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي كانت لها وزارة خاصة من الوزارات السيادية».
من جهته يقول الوزير تشكري لـ«الشرق الأوسط»: «إن أمراء الحرب يخشون نزع الأسلحة لأن لديهم الكثير من الأعداء ويخشى العديد من الناس هنا عودة حركة طالبان. لقد كانت بيبي عائشة قائدة مرموقة، ولها أيضا العديد من الأعداء»، مشيرا إلى إن قُطّاع الطرق ومافيا المخدرات يخشونها هي وأبناءها لا العكس. وضمن تكريم العاصمة الأفغانية كابل للمرأة، أقيم معرض فني لصور المجاهدة بيبي عائشة الأسبوع الماضي. وشاركت الفنانة البلجيكية الجزائرية الأصل هادية لحبيب بعدة صور للمجاهدة بيبي عائشة وهي تختبر الكلاشينكوف، وصورة أخرى لقصر «أمان الله» وسط العاصمة كابل الذي تحول إلى خرائب بفعل قصف المجاهدين قبل سقوط العاصمة في أيدي طالبان عام 1996.


الشرق الاوسط اللندنية

أرسل إلى خبرية
...تحت تصنيف: