فضيحة التجسس: تحقيق يطارد بوش وتشيني

13 يوليو 2009 by: trtr388



سارعت قيادات الكونجرس الأمريكي ووزارة العدل إلى
اعلان العزم فتح تحقيق في فضيحة برنامج التجسس على الأمريكيين في عهد الرئيس السابق
جورج دبليو بوش، والتي يتحمل وزرها نائبه ديك تشيني، وذلك غداة نشر تقرير حكومي حول
تجاوزات البرنامج. وسيركز التحقيق على “الاخفاء المتعمد” لحقيقة البرنامج، الأمر
الذي سيطال كبار مسؤولي الإدارة السابقة الذين أشرفوا على هذا البرنامج، وعلى رأسهم
تشيني الذي كانت له علاقة مباشرة بإخفاء البرنامج عن المشرعين في كابيتول
هل.

وقالت رئيسة اللجنة الفرعية للتحقيق والاشراف بلجنة الاستخبارات بمجلس النواب جان شاكويسكي الديمقراطية من الينوي “إن التحقيق سينظر في طبيعة البرنامج التجسسي والقرارات التي اتخذت بإخفائه عن الكونجرس”. وكان أعضاء الكونجرس قد علموا بأمر البرنامج التجسسي فقط يوم 24 من يونيو/ حزيران الماضي، وذلك عندما هرول ليون بانيتا مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي. آي. ايه) لاطلاع الكونجرس على الأمر، وهو الذي عرف به لأول مرة عن طريق مرؤسيه يوم 23 من الشهر نفسه، فأصدر على الفور قراراً بإيقافه وسارع بابلاغ الكونجرس.
ويشعر أعضاء الكونجرس بسخط شديد للحد الذي طالبوا فيه علناً بتشكيل لجان من قبل الكونجرس للتحقيق في الفضيحة، بل ان عضو الكونجرس النائبة آنا إيشو طالبت بتعيين محقق خارجي، وقالت: “لابد أن نعرف هوية من أصدر الأوامر بإخفاء المعلومات حول هذا البرنامج عن الكونجرس، وكيف تسنى لهم ومن أين حصلوا على الأموال لتمويل هذا البرنامج”.
وشدد أعضاء في مجلس الشيوخ على أن تشيني يجب ألا يكون فوق القانون. وقال السيناتور باتريك ليهاي “من المستحيل أن نصمت عندما يكون أمامك أمر كهذا. سواء كان الأمر حقيقياً، أو غير حقيقي، نريد أن نعرف، وأعني أن لا أحد في هذا البلد فوق القانون.
وقالت ديان فينستاين رئيس لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ ان الكونجرس كان يجب اخباره بشأن البرنامج السري للتجسس، وإن نائب الرئيس السابق يجب ألا يكون فوق القانون. أضاف “هذه مشكلة كبيرة لأن القانون واضح تماماً، وأفهم الحاجة في ذلك الوقت الذي كانت أمريكا تعيش فيه صدمة” وشدد “لكنني أعتقد أنك تضعف قضيتك عندما تخالف القانون”.
في المقابل فإن الجمهوريين والمدافعين عن إدارة بوش بالكونجرس وخارجه حاولوا دون فائدة التقليل من الأمر، تارة بادعاء أن البرنامج لم يكن مكتملاً، وتارة بالقول إن البرنامج كان تحت التخطيط لمدة 8 سنوات، كان يجري خلالها إعداده وتدريب كوادره ولم يفتح أحد الموضوع مع تشيني أو بوش، ولم يصل البرنامج لمرحلة تستلزم اخطار الكونجرس، لكن في الوقت نفسه، قال بيتر هوكسترا كبير الجمهوريين بلجنة الاستخبارات بمجلس النواب انه يعتقد أن الكونجرس كان سيوافق على تمرير هذا البرنامج لو قدم له يوم 12 سبتمبر/ أيلول ،2001 وانه لو قدم لهم بعد هذا التاريخ كانوا سيرفضون الموافقة عليه.
في وقت ذكر مسؤول كبير بالاستخبارات أنه عندما قرر بنيتا فور علمه بالبرنامج ايقافه، لم يجد أحداً داخل “سي آي ايه” نفسها يعارضه أو يدافع عنه، وانه كان معروفاً بوجه عام ومنذ البداية أن تشيني طلب عدم ابلاغ الكونجرس، وبالتالي لم يكن واضحاً امام “سي آي ايه” ما اذا كان عليها بالضرورة إبلاغ الكونجرس من عدمه، وأنه خلال الفترة الثانية من ولاية بوش الرئاسية لم تأخذ الوكالة رأي الإدارة في استمرار السرية حول هذا البرنامج من عدمه.
وحاول بعض الجمهوريين برفضهم أن يكون هناك تحقيق، وزعموا ان تلك الزوبعة متعمدة من قبل الديمقراطيين للدفاع عن نانسي بيلوسي زعيمة الديمقراطيين والأغلبية بالنواب والتي قالت قبل شهرين ان “سي آي ايه” ضللتها ولم تبلغها بشيء حول استخدام التعذيب والايهام بالاغراق في استجواب المعتقلين في حرب الإرهاب، وذلك عقب إعلان الوكالة انه تم اطلاعها على الأمر.
ومن المتوقع أن تشهد الأيام القليلة المقبلة تصعيداً غير مسبوق قد يطال هذه المرة تشيني وبوش نفسه سواء في فضيحة التجسس على الأمريكيين أو في الكذب واخفاء معلومات عن الكونجرس ما يعتبر وفق القانون الأمريكي جريمة.
وإلى جانب تحقيقات الكونجرس سواء عبر محقق مستقل أو تابع للكونجرس فهناك تحرك آخر يسير في اتجاه مشابه من قبل وزير العدل إيريك هولدر الذي قال مسؤول في وزارته ان هولدر يبحث تعيين مدع جنائي خاص للتحقيق في دور وكالة الاستخبارات المركزية ومسؤوليها في عمليات تعذيب المعتقلين، ولاحقاً سارع متحدث باسم هولدر ليوضح أمام وسائل الإعلام أن الوزير لم يتخذ بعد أي قرار بتعيين المحقق الجنائي، لكنه يرى أنه من غير العدل أن يتم التحقيق أو مطاردة موظفين كانوا يعتقدون أن ما يفعلونه قانوني، وهذا التصريح في حد ذاته جاء كإشارة طمأنة للمسؤولين والموظفين الصغار في وكالة الاستخبارات وخارجها، وبالتالي يفهم منه أن التحقيقات ستركز على الكبار، وهو إجراء إن تم فسوف يضع الرئيس باراك أوباما في حرج، وهو الذي أصر على الدعوة لنسيان الماضي والنظر للمستقبل.
وما إذا كان أوباما سيستمر في موقفه تجاه محاسبة الكبار، خاصة بوش وتشيني وكبار موظفيهما - لا سيما أن دراسة العدل تستعد خلال أيام لإطلاق تقرير خطير حول أخلاقيات مدعي العموم (المحامون العامون) في إدارة بوش الذين أصدروا مذكرات قانونية بررت التعذيب وممارسات أخرى. وإذا كان هذا هو الموقف الآن على الساحة السياسية في واشنطن فإن الشيء المؤكد وحسب القانون والدستور والتقليد فإن الرئيس الأمريكي لا يستطيع أن يوقف تطبيق القانون ولا يستطيع أيضاً أن يملي على وزير عدله ما ينبغي فعله، فوزير العدل هو الوزير الوحيد في مجلس الوزراء الأمريكي الذي لا يستطيع الرئيس الأمريكي أن يملي أو يفرض عليه رأياً أو قراراً.
وكانت التجاوزات خلال حرب فيتنام قد أجبرت الكونجرس على إصدار قانون يلزم الاستخبارات بل ويضع المسؤولية كاملة على الرئيس الأمريكي بإبلاغ الكونجرس وبالتحديد 8 أعضاء هم رؤساء النواب والشيوخ من الجمهوريين والديمقراطيين وكذلك رؤساء لجان الاستخبارات من الحزبين في مجلسي النواب والشيوخ وإبلاغ المعنيين بلجان الاستخبارات أولاً بأول - وليس بأثر رجعي - بنشاطات برامج الاستخبارات الأمريكية بما فيها برامج سوف يتم تنفيذها لاحقاً.
وعلى ذلك فإن برنامج التجسس الذي صممه مركز مكافحة الإرهاب في وكالة الاستخبارات المركزية والذي تم إخفاؤه عن الكونجرس وضع بوش في وجه المدفع قانوناً، ورغم بعض البنود المطاطية فإن مسؤولية تشيني واضحة هنا أيضاً، وهو ما أوضحه التقرير السري الذي أعدته خمس جهات حكومية ولم ينشر منه سوى الجانب غير السري وهو كاف لتجريم إدارة بوش قانوناً.


أرسل إلى خبرية
...تحت تصنيف: