أردنيون يواجهون الفقر والبطالة بـ"بيع كلاهم" مقابل 5 ألاف دولار
15 أكتوبر 2009 by: trtr388
بالنسبة لعلي الاردني الثلاثيني العاطل عن العمل لم يكن بيع احدى كليتيه في مصر مطلع العام الحالي مقابل خمسة آلاف دولار الا مجرد صفقة خاسرة.
وعلي واحد من عشرات الاردنيين العاطلين عن العمل الذين يضطرون سنويا لبيع كلاهم لمجموعات تستهدف الفقراء.
ويقول علي، وهو أب لثلاثة أطفال أقنعه صديقه العام الماضي ببيع احدى كليته في مصر، "اشعر بالندم من كل قلبي، لا ادري بما كنت افكر؟".
واضاف "قمت بذلك لتحسين مستوى معيشتي وانقاذ حياة احدهم فقد حصلت على خمسة آلاف دولار بعد ان منحت كليتي لشخص لم أره أو اعرفه". وقال "لقد ادركت الآن اني اقترفت خطأ فادحا واني كنت جاهلا. انا عاطل عن العمل وظروفي الصعبة اعمتني عن رؤية حقيقة ما فعلت".
أما محمد (29 عاما)، فقال انه وعد بتلقي خمسة آلاف دولار مقابل بيع كليته نهاية العام الماضي، لكن بعد اجراء العملية تلقى أقل من نصف المبلغ.
ويضيف محمد، وهو متزوج وأب لطفلين "لم أستطع فعل شيء حيال ذلك لم يكن امامي الا أن أقبل العرض أو ارفضه".
وقال "لا زالت دون عمل ولا زلت فقيرا وذهبت كل تلك النقود سدى بدون أن أحسن من مستوى حياتي".
علاوة على ذلك فمحمد لا يستطيع حسبما يقول أن يحيا حياة طبيعية، ويوضح "لقد خدعوني وأقنعوني بأني سأحيا حياة طبيعية لكني أشعر بتعب منذ ان اخذوا احدى كليتي. أعلم تماما ان صحتي الآن ليست على ما يرام". ويضيف "ليس بأستطاعتي أن اراجع الطبيب لاني سمعت بأن الشرطة تلاحق من هم مثلي".
ولا تتوفر قاعدة معلومات موثوقة حول تجارة الاعضاء البشرية، في حين يصر المسؤولون الاردنيون على انها ليست قضية ملحة.
وفي ايلول (سبتمبر) الماضي تم توجيه الاتهام الى 11 اردنيا بتهريب الاعضاء البشرية، على الأخص الكلى، وبيعها بشكل غير قانوني في مصر بعد وترحيلهم الى الاردن.
ووفقا للأمن الاردني فإن التحقيق جار مع عدد من المشتبه بهم فيما لا زال سبعة آخرين فارين من وجه العدالة.
وبيعت الكلى مقابل مبالغ وصلت الى 30 الف دولار للواحدة.
ويشكل الشباب ممن هم دون الثلاثين عاما قرابة 70% من اجمالي عدد سكان المملكة البالغ عددها نحو ستة ملايين نسمة.
وتقدر نسبة البطالة في البلاد وفقا للارقام الرسمية بـ 14,3% بينما تقدرها مصادر مستقلة بـ 30%.
وتعد تجارة الاعضاء البشرية محظورة في الاردن ويواجه المتورطون بها عقوبات تصل الى السجن خمسة اعوام وغرامات تصل الى 28 الف دولار.
وأنشات المملكة عام 2007 لجنة وطنية للترويج للتبرع بالاعضاء لكبح تهريبها وتشجيع الاردنيين على التبرع بها بعد وفاتهم، وذلك بعد ضبط السلطات 80 حالة بيع كلى في ذات العام.
وبحسب مؤمن الحديدي، عضو اللجنة ورئيس المركز الوطني للطب الشرعي فأن "المهربين يحصلون على عمولة وهم يستهدفون الفقراء ويقنعونهم ببيع كلاهم ومن ثم يسهلون عملية سفرهم الى بلد ثالث حيث تجرى لهم العمليات الجراحية".
واوضح ان "أكثر من 800 شخص يموتون سنويا في الاردن في حوادث سير، علينا تشجيع اقاربهم على التبرع باعضاء احبائهم وبالتالي نستطيع خفض الطلب".
واظهرت دراسة رسمية حديثة حول 130 حالة بيع كلى، أن 80% من اولئك الذين باعوا كلاهم هم لاجئون فلسطينيون من مخيم البقعة (شمال-غرب عمان)، اكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الاردن.
واغلب هؤلاء تقل اعمارهم عن 31 عاما ويعيشون في فقر مدقع لكنهم ليسوا ذوو سوابق جرمية.
وكانت مثل تلك العمليات تجري في العراق لكن بعد اجتياحه بقيادة الولايات المتحدة عام 2003 اصبح المتاجرون بالاعضاء والوسطاء يرسلون الشباب الى باكستان والهند ومصر، على ما افادت الدراسة.
ويقول اختصاصي الكلى، الطبيب محمد اللوزي، انه "لا يوجد مشكلة تهريب اعضاء في المملكة. هذه الحوادث تعد قليلة"، مضيفا ان "اغلب هؤلاء الذين يبيعون كلاهم يدعون بيعها بسبب الفقر لكنهم لا يفعلون شيئا لتحسين احوالهم المادية".
واللوزي هو مستشار علمي للملكة رانيا عقيلة العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني التي ترأس جمعية التبرع بالاعضاء الاردنية.
ويضيف ان "العديد من هؤلاء مدمنين على المخدرات ويبحثون عن اسهل الطرق للحصول على المال بغض النظر عن الوسيلة وهذا يحدث في جميع انحاء العالم وليس فقط في الاردن".
ولكن بالنسبة لسري ناصر، الذي يعمل كأخصائي علم الاجتماع في الجامعة الاردنية، فأنه لا يوافق اللوزي الرأي ويرى ان "هذه مشكلة وجريمة في الاردن كما هي مشكلة وجريمة في جميع انحاء العالم".
واضاف ان "القيم الاخلاقية للمجتمع لم تعد موجودة الآن. المادية تحكم هذه الايام واصبح كل شيء تجارة حتى الاعضاء التي تدر ربحا على البعض".
واعتبر ناصر انه من الواجب حل مشكلتي الفقر والبطالة كوسيلة لمكافحة تجارة الاعضاء البشرية ومشاكل اخرى.
وقال "الناس تبيع اعضائها على الاغلب لكونهم فقراء وبلا عمل، يعتقدون انها كلاهم وان من حقهم بيعها".
وتؤكد منظمة الصحة العالمية ان نشاط تجارة الاعضاء البشرية بشكل عام في ازدياد بوجود وسطاء يتقاضون ما بين 100 الف الى 200 الف دولار لتدبير عملية زراعة للمرضى الاغنياء.





















