«ماراثون» بيروت الرياضي سبق «ماراثون» الثقة بـ «التراضي»

07 ديسمبر 2009 by: trtr388



لم يعد هناك في «الأجندة» اللبنانية ما يفترض ان يثير المفاجآت، على الأقل الى حقبة قد تمتد اشهراً. فهذا الاسبوع تكتمل آخر الاجراءات امام اقلاع الحكومة في عملها ومهماتها مع ايام طويلة ستمضيها في مجلس النواب الذي يبدأ غداً جلسة مناقشة البيان الوزاري ومن ثم التصويت على الثقة، وهي جلسة محددة لثلاثة ايام لكن ربما تمتد يوماً رابعاً نظراً الى كثرة طالبي الكلام من النواب الذين اصبح عددهم يربو على الستين، اي نحو نصف اعضاء البرلمان المؤلف من 128 نائباً.
وبعد جلسة الثقة، سيتصاعد الكلام عن التحضيرات لجولة عربية سيقوم بها رئيس الحكومة سعد الحريري وربماً تبدأ بسورية، وهي الزيارة - الحدث، في اول المسار السياسي والرسمي للحريري كرئيس للحكومة. كما ان ثمة محطة الاسبوع المقبل تكتسب اهمية وتتمثل بزيارة الرئيس ميشال سليمان للولايات المتحدة حيث سيقابل الرئيس الاميركي باراك اوباما في 14 من الشهر الجاري في البيت الابيض.
والواقع ان اهم ما يسترعي الملاحظة، ان الوضع الداخلي يبدو كأنه انخرط بمستوى عال جداً في مرحلة هدوء واسترخاء سياسي منذ جرى الاتفاق على البيان الوزاري للحكومة، ما يعني ان كل الافرقاء الاساسيين مهروا مواقفهم من التسوية السياسية بالالتزامات الفعلية عبر البيان، وهو الامر الذي فتح الباب امام حقبة الاسترخاء على غاربه.
ويبدو واضحاً ان ثمة مناخاً جديداً في التعامل بين اطراف في الغالبية والمعارضة من شأنه ان يشكل قاطرة اساسية لرسم معالم عمل الحكومة في المرحلة المقبلة، حتى مع وجود تحفظات واعتراضات لقوى في الغالبية على البيان الوزاري.
وتقول اوساط وزارية، ان الفرصة المتاحة للحكومة تبدو فعلاً من الفرص الثمينة جداً لبداية انجاز ملفات اساسية متعلقة بأوضاع الناس بالدرجة الاولى، اذ لم تظهر مرة فرصة لتحييد القضايا الاجتماعية على الاقل عن الخلافات السياسية كما تظهر الآن. حتى ان الاوساط نفسها تبرز وجود قرار سياسي لدى القوى الاساسية في فريقي الغالبية والمعارضة لتحييد هذه القضايا واتاحة المجال امام الحريري للاضطلاع بدوره في برمجة الخطط واطلاقها على نحو ما بدأ فعلاً في معالجة ازمة السير المتفاقمة في لبنان، خصوصاً في بيروت.
وتضيف ان معظم القوى يبدو في خلفية تحقيق مصالح مباشرة له عبر انجاح التجربة الحكومية سواء لجهة حسابات سياسية داخلية مباشرة او لجهة تقديرات مرتبطة بالمناخ الاقليمي والخارجي. وهو امر يحمل على الاعتقاد ان فترة الشتاء والربيع على الاقل ستكون فترة ديناميكية على صعيد تحريك ملفات اجتماعية واقتصادية وخدماتية بالدرجة الاولى، وستأتي خطوة زيارة الحريري لسورية لتعمق التحصين السياسي الاقليمي لهذه المرحلة الانتقالية في لبنان، باعتبار ان الزيارة ستشكل تطوراً غير مسبوق منذ عام 2005 خصوصاً لجهة فصل مسألة المحكمة الدولية عن سياق التطبيع الرسمي بين لبنان وسورية. وهذا العامل سيلعب دوراً مؤثراً في المحافظة على التهدئة وتأمين ضوابط لعمل الحكومة اقله في ضوء واقع اقليمي لا يزال حتى الآن مساعداً على تسهيل الانطلاقة اللبنانية، طالما انتفت المفاجآت غير المحسوبة.
وعشية «ماراثون» الثقة بالحكومة، كان المشهد السياسي مضبوطاً على ايقاع ماراثون بيروت الدولي السابع، امس، الذي شارك فيه الحريري، تحت عنوان «صار وقت أركض» بمشاركة 31 ألف عداء من مختلف دول العالم، في سابقة يقوم بها رئيس للحكومة في لبنان.
واعطى سليمان والى جانبه السيدة الاولى، اشارة انطلاق مسار العشرة كيلومترات، الذي انطلق من وسط بيروت وشارك فيه الحريري مرتديا ثيابا رياضية والى جانبه عدد من الوزراء من بينهم وزير الداخلية زياد بارود ووزير البيئة محمد رحال ووزير الشباب والرياضة علي عبد الله، اضافة الى عدد من النواب.
وقال الحريري للصحافيين: «سأشارك في ماراثون بيروت مع أنني لن أفوز إلا أن الأهم تشجيع اللبنانيين على الاجتماع ولا شيء أفضل من الرياضة لجمعهم» مضيفا «لبنان يجب ان يكون الوجهة الرياضية للعالم العربي». وصرح سليمان للصحافيين، «الماراثون أصبح ظاهرة حضارية صحية في لبنان ويجمع الشباب والصبايا بروح رياضية».
وبعد مشاركته في الماراثون، استأنف الحريري اتصالاته ولقاءاته الرامية الى محاولة «دوْزنة» ايقاع المداخلات في جلسات الثقة، وسط توقعات بأن كلمات نواب مسيحيي «14 مارس» ستتناول العناوين الإشكالية التي تتصل خصوصاً بموضوع سلاح «حزب الله» الذي تحفظ وزراء الأكثرية المسيحيون عن البند المتعلق به في البيان الوزاري، الى جانب موضوع إلغاء الطائفية السياسية الذي أثاره رئيس البرلمان نبيه بري داعياً الى تشكيل الهيئة الوطنية المكلفة بحث هذا الموضوع.
وفيما قام رئيس الحكومة بزيارة لافتة لرئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط في المختارة في يوم الاحتفال بذكرى ميلاد مؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي كمال جنبلاط (اغتيل العام 1977)، بدا واضحاً ان نواب مسيحيي الاكثرية سيمنحون الثقة لحكومة الحريري - وسط توقعات بالا يحجبها الا نائب او اثنين لأسباب خاصة بهما - على ان يلتزموا في مداخلاتهم التي لن تخلو من سخونة «السقف المبدئي» الرافض وجود اي سلاح خارج الشرعية والتمسك بان يكون قرار الحرب والسلم في يد السلطة السياسية حصراً، مع إطلالة على ملف العلاقات اللبنانية - السورية.
واشارت معلومات الى ان رئيس الحكومة الذي قد يلاقي نواباً في كتلته «الموقف المبدئي» لحلفائهم من مسيحيي «14 مارس»، يتمسك بان تبتعد مداخلات هؤلاء عن النفَس «الهجومي» او الاستفزازي، وان تراعي كلماتهم المناخ التوافقي الذي واكب تشكيل الحكومة وإقرار البيان الوزاري، وهو ما ابلغه اليهم في اجتماع «كتلة المستقبل» اول من امس.
وبعد لقائه رئيس «التقدمي»، أكد الحريري الاستمرار مع جنبلاط «والسما زرقا»، وعلى السير على الطريق التي سلكها كمال جنبلاط والرئيس الشهيد رفيق الحريري.
من ناحيته، شدّد جنبلاط أمام وفد طالبي، على «التموضع السياسي الوسطي للحزب الاشتراكي، اذ من غير الممكن أن يكون الحزب ملحقاً بأي حزب أو تيار».
وعلى خط التحضيرات لزيارة الحريري لسورية، نُقل عن مصدر واسع الاطلاع في سورية أنّ «التحضيرات لهذه الزيارة تسير بوتيرة متسارعة ولو بدت هادئة ظاهريا، لا سيّما وأن موعد حصولها بات وشيكًا».
ونقل المصدر عن القيادة السورية «ارتياحها للاجواء والتحضيرات الجارية وحرصها على تذليل كل العقبات التي من الممكن ان تعكر صفو الزيارة»، مشدداَ على «مصلحة سورية في تمهيد طريق الحريري نحو دمشق في شكل سلس يساعده على القيام بخطوته هذه وهو مرتاح»، مؤكدًا في الوقت عينه أن «القيادة السورية تلقت بكثير من الإيجابية مؤشرات مهمة من لبنان كان آخرها تضمين البيان الوزاري عبارة «أخوية» العلاقات بين لبنان وسورية اضافة إلى إغفال التطرق إلى القرار 1559 وهو ما رأت فيه دمشق بداية تعاون مشجعة مع الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري».
في موازاة ذلك، بقيت الانظار شاخصة على الاعترافات التي تناقلتها وسائل إعلام محسوبة على المعارضة عن الموقوف من «فتح الاسلام» لدى استخبارات الجيش اللبناني «سيغمو» من ان هذا التنظيم اغتال النائب وليد عيدو (أحد أعضاء كتلة الحريري في يونيو 2007)، اضافة إلى اغتيالها رئيس غرفة عمليات الجيش اللبناني اللواء فرنسوا عيد (في 12 ديسمبر 2007).
وفيما توقفت دوائر مراقبة عند توقيت «تسريب» هذه المعلومات بالتزامن مع التحضير لزيارة رئيس الحكومة لسورية والزيارة التي يقوم بها رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري لبيروت، رفضت مصادر أمنية الاستناد الى هذه «الاعترافات» اذا لم تُرفق بأدلة ملموسة، ومتوقفة عند دلالة ان تكون الرواية التي قدمها «سيغمو» استندت الى كلام نقل عن كلام اشخاص آخرين.
وتلفت مصادر سياسية، الى ان نشر هذه الاعترافات يمكن ان يكون هدفه ضرب مرتكزات «الاتهام السياسي» الذي وجّهته قوى «14 مارس» لسورية بالوقوف وراء الاغتيالات «المترابطة»، مع العلم ان الفلسطيني «سيغمو» (فادي ابرهيم) نقل عن امير «فتح الاسلام» الجديد عبد الرحمن عوض، أن مجموعة من التنظيم قامت بتنفيذ عملية اغتيال الحاج انتقاماً لدوره في معارك نهر البارد. كما نقل عن المتهم الملاحق عبد الغني جوهر بأنه هو من نفذ اغتيال عيدو في منطقة المنارة.


صفير: نتمنى أن يستمر جو التفاهم بين المتخاصمين


تمنى البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، ان يستمر «الجو الذي يميل الى التفاهم بين المتخاصمين في لبنان وان يتقدّم لينصرف ذوو الشأن الى الاهتمام بالطبقة الفقيرة التي تشكو الفاقة في هذه الأيام».


الراى

أرسل إلى خبرية
...تحت تصنيف: