ضابطان بمصر يرفضان رشوة بالملايين مقابل تهريب آثار

13 ديسمبر 2009 by: trtr388



على رغم تكالب كثيرين على جمع المال بكافة السبل، رغبة في الثراء السريع أو هربا من الوقوع تحت خط الفقر؛ الذي يقبع تحته حاليا خمس المصريين، إلا أن ذلك لم يغرر بالبعض لقبول مال حرام، حتى ولو كانت أمامه رشوة بملايين الجنيهات.


كمال الضبع وطارق رصاص ضابطا شرطة مصريان، أحدث نموذج لرافضي الثراء السريع مادام من طريق غير شرعي، إذ رفضا رشوة قدمها لهما صاحب شركة مقاولات خاصة تبلغ قيمتها نحو 13 مليون جنيه مصري (مليونا ونصف المليون دولار)، مقابل تسهيل خروج تمثال نادر من إحدى المقابر الأثرية.


وعرض المقاول، وهو تاجر آثار على المقدم الضبع والمقدم رصاص، اللذين يعملان في مديرية أمن سوهاج، مبلغ مليون دولار وربع لكل منهما، بحسب صحفية "الأهرام" المصرية الجمعة 11-12-2009.


وأقنع الضابطان المقاول بموافقتهما على العرض وحصلا على 20 ألف جنيه (ما يعادل 3 آلاف دولار أمريكي) مقدما، بعد أن قاما بإخطار السلطات المختصة.


وتم الاتفاق مع الضابطين لمسايرة المقاول، بعد ورود المعلومات للأجهزة الأمنية عن تقديم المقاول العرض المالي الكبير للضابطين في مقابل تسهيل دخول آليات تنقيب بإحدى بمنطقة "أخميم" في صعيد مصر للحفر عن تمثال أثري نادر أسفل منزل.


وبعد أن تم تزويد الضابطين بالأجهزة لتسجيل المحادثات الهاتفية، وتحديد موعد لاستلام باقي المبلغ، داهمت الشرطة المكان أمس الخميس 10-12-2009.


وقامت أجهزة الأمن بضبط المتهمين وأدوات الحفر والمعدات المستخدمة في عملية التنقيب، بالإضافة إلى ثلاث سيارات نقل.




يرفض الحرام
وقبل شهر تقريبا نشرت ذات الصحيفة السابقة حادثا مماثلا تعرض له عبد الرحمن فتحي -29 عاما- الموظف في هيئة البريد المصري؛ الذي رفض رشوة قيمتها عشرة ملايين جنيه (مليونا دولار)، على رغم أن راتبه الشهري لا يتجاوز 600 جنيه (100 دولار).


وبحسب "الأهرام" ، فإن محاميا يتولى إدارة جمعية أهلية عرض على فتحي صفقة تتضمن إبلاغ الأول بالشفرة السرية الخاصة بإيداع أموال البريد في البنوك‏، على أن يستغل المحامي ذلك في عمل إيداعات وهمية بمبلغ ‏40‏ مليون جنيه (7 ملايين دولار)‏، ويقوم بسحبها بعد ذلك، مقابل حصول المعاون على عشرة ملايين جنيه‏.


لكن ضمير الموظف الشاب؛ الذي تربى في صعيد مصر، لم يسمح له بأن يقبل مالا حراما مهما كان حجمه؛ حيث تقدم ببلاغ للشرطة؛ التي طالبته بمسايرة المحامي‏، ‏ حتى تم ضبطه وهو يحاول صرف شيك بمبلغ‏ 750‏ ألف جنيه (150 ألف دولار)، وعثر معه أيضًا على عدة شيكات أخرى.




زوجة تحرص على الحلال
وردا على سؤال حول ما إذا كان قد فكر في قبول المبلغ، أكد فتحي أنه لم يتردد لحظة في رفض الرشوة، خاصة أن الله تعالى رزقه زوجة حريصة مثله على أن يكون مأكلهما من المال الحلال.


وعاد ليؤكد موقفه قائلا "ليس معنى أن راتبي 600 جنيه أن ألجأ إلى الرشوة، ولو عرضت علي الرشوة ألف مرة لرفضتها"، ناصحا الشباب بتحقيق آمالهم عبر الكفاح والجهد.


وأوضح أنه على رغم صغر سنه، فقد جرب هذا الكفاح في مشواره التعليمي؛ حيث لم يكتف بالحصول على تعليم متوسط، وإنما اجتهد حتى حصل على شهادة جامعية.


فتحي لم يكن النموذج الوحيد للأمانة، فقد سبقه كثر، من بينهم عصام عبد الكريم الموظف بمطار القاهرة الدولي؛ الذي رفض رشوة قيمتها مليون وربع المليون جنيه مصري (250 ألف دولار).


ونقلت الصحف المحلية عن مصادر بالمطار قولها إن عبد الكريم، الذي يعمل في الخدمات الأرضية، رفض الرشوة التي عرضها عليه محاسب بالبنك المركزي مقابل مساعدته في إدخال "أربعة" ملايين دولار مُهربة من الخارج.


وأبلغ عبد الكريم السلطات بعرض الرشوة، مشيرًا إلى أن "الدولارات المهربة" كانت مخبأة في براميل مشحونة بطائرة قادمة من إحدى الدول الإفريقية.


وأكدت المصادر أن السلطات الأمنية طلبت من الموظف "مُسايرة عارض الرشوة"، وضبطته متلبسًا.






وفي الإطار ذاته فقد رفض أمين شرطة يدعى محمد سعد بمحافظة الجيزة (جنوب القاهرة)، رشوة من أحد رجال الأعمال مقابل إخفاء معلومات جنائية عن أحد أقاربه.


وبحسب صحيفة "المصري اليوم" فقد أبلغ أمين شرطة؛ الذي ربما لا يتجاوز دخله الشهري الـ100 دولار، المسؤولين بالأمر، وتمت مجاراة المتهم وضبطه وبحوزته الرشوة، وأمرت النيابة بحبسه.


تأتي هذه النماذج على رغم زيادة نسبة الفقر بين المصريين جراء غلاء الأسعار؛ الذي شهدته البلاد خلال الأعوام القليلة الماضية، وهو ما وضع قطاعا كبيرا من الموظفين المصرين داخل خط الفقر، حيث لا تتخطى مرتباتهم حاجز الـ100 دولار، فضلا عن وجود آخرين يقل دخلهم عن ذلك.


وكان الدكتور عثمان محمد عثمان، وزير التنمية الاقتصادية المصري، قد أعلن مؤخرا عن ارتفاع معدل الفقر بين المصريين إلى 21% بسبب الأزمة المالية العالمية، التي بدأت في نهاية العام الماضي، وانعكاساتها على الاقتصاد.




بعد إيماني
وفي تعليقه على سلوك هذه النماذج قال د. رشاد عبد اللطيف -أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان المصرية- "دائما وسط الظلام لا بد أن يكون هناك نور.. ولذلك لا بد أن يوجد بين المفسدين شرفاء، وإن غلب الانهيار القيمي على المجتمع".


وأوضح أن "هذه النماذج التي تقدم السلوك الشريف، وإن كانت قليلة في وقتنا الحاضر، ناتجة بنسبة 99% عن بعد إيماني لدى صاحبه بأن الرزق من عند الله.. إضافة إلى النشأة الاجتماعية التي تساعد في زراعة وتنمية هذا البعد"، مشيرا إلى أن "أهمية وجود القدوة في الأسرة سواء كان الأب أو الإخوة للدفع في هذا الاتجاه".


وشدد على أن الإنسان الذي تربى على القناعة من الصعب أن ينحرف سلوكه، وإن تعرض للفقر.


في المقابل أوضح أن المنحرفين افتقدوا هذه النشأة الطيبة في أسرهم، فلذلك هم أكثر تأثرا بالنماذج السيئة المحيطة، من أصحاب السوء الذين يبحثون عن الثراء السريع دون تحري مصدره.


وأشار إلى أن وسائل الإعلام تلعب هي الأخرى دورا سلبيا يساهم في زيادة الفساد، من خلال ما تقدمه في الأفلام والمسلسلات من نماذج للموظف المرتشي؛ الذي يفشل في تحقيق الثراء، والخروج من الفقر، إلا من خلال السرقة أو الرشوة.


ام بى سى

أرسل إلى خبرية
...تحت تصنيف: