فوضى المرور المروعة تخنق القاهرة
05 مايو 2009 by: trtr388كريستيان فرايزر يكتشف أن مواجهة الموت في شوارع
القاهرة المختنقة يجعل المرء يزهد القيادة حتى في الطرق السريعة.
الحياة في
القاهرة تتلخص في إما أن تتقدم في السباق أو تفقد حياتك، فليس أمامك إلا حل من
اثنين: إما أن تهجم أو تتعرض للهجوم.
قيادة السيارات هنا شئ شديد السوء لدرجة أن الذين يميلون منا للاغماء السريع لن يتمكنوا من تحمل حركة المرور في شوارع القاهرة.
ويصبح الكفاح وسط الطرق المزدحمة أكثر تعقيدا مع انعدام أي احترام للإشارات الضوئية أو لشرطة تنظيم المرور.
وليس هناك أي التزام باحترام السير في الحارات المخصصة للسير المحددة بخطوط بيضاء.
لقد شيدت القاهرة الحديثة لكي تستوعب 4 ملايين نسمة. إلا أنها تضخمت حاليا ووصلت إلى 17 مليونا، وهو ما يفسر كيف تبدو شوارع المدينة الضيقة على ضفتي نهر النيل بحلول التاسعة صباحا، وقد تراصت فيها السيارات في أربع صفوف بدلا من صفين فقط.
ينحرف السائقون بأقصى مهارة ممكنة في نطاق أضيق المساحات الفارغة. وتحمل كل سيارة أو حافلة آثار المعركة الممتدة.
بالطبع اسعار قطع غيار السيارات مرتفعة الثمن كثيرا. ولا أحد يؤمن على سيارته.
والمطالبة بتعويض عن الخسارة شيء اقرب إلى البحث عن الماء في الصحراء.
والقاعدة بسيطة للغاية: اشعال الضوء العالي للسيارة أو استخدام منبه الصوت معناه غالبا أن السائق الموجود وراءك يعتزم تجاوزك حتى لو كانت المساحة المتاحة إلى جوار سيارتك، أو بينها وبين السور الأسمنتي لا تكاد تكفي لعبور سيارة أخرى!
أسوا تجاربي وسط هذا الجنون حدثت قبل يومين.
عن التاكسيات
البلد الذي اخترع الدقة في تصميم الإهرامات تسير فيها سيارات للتاكسي بدائية في كل شيء.
كانت كسوة مقاعد التاكسي الذي ركبته متخلفة وقديمة وبالية، والأسوأ انها كانت من النوع الذي يسبب صدمة كهربائية في الأفخاذ عندما تعرق بسبب الحرارة. لم يكن في السيارة مقابض لإنزال زجاج النوافذ وبالتالي لا مهرب من معاناة القيظ الذي يجعلك تشعر بالاختناق حتى في هذا الوقت من العام.
كانت السيارة بالفعل إحدى "التحف" العتيقة التي يشعر السائق عبده بالفخر وهو يقودها.
وبينما كنا نسير في الطريق الدائري بسرعة لم يكن من المتخيل أن تصل إليها هذه السيارة المتداعية مال عبده على المقعد الخلفي حيث كنت أجلس لكي يطمئنني بقوله إنه تعلم القيادة في الجيش.
كانت الفرصة تلوح أمامه عند الركن القادم من الطريق لاستعراض تكتيكاته الدفاعية.
شيدت القاهرة أساسا لاستيعاب 4 ملايين نسمة لكنها تستوعب حاليا 17 مليون
على سرعة 90 كيلومترا في الساعة اضطر للضغط فجأة على الفرامل فانحرفت السيارة قليلا وزمجرت عجلاتها فقد كانت هناك دورية تفتيش تكمن في منحنى من الطريق.
كانت فرامل السيارة قد قامت بمعجزة لكن العبء كان أكثر مما تستطيع تلك الفيات العتيقة تحمله فتعطلت في عرض الطريق. كان الطريق بعرض 18 مترا لكننا كنا بعيدين عن النقطة التي يمكننا عندها اخراج السيارة إلى الجانب الآمن بعيدا عن مسار السيارات أي بعيدا عن الخطر.
لقد قبعنا في قلب الخطر. وفي المقعد الخلفي كان التوتر الشديد يسيطر علي.
الآن استانفت السيارات سيرها وأصبحت تسير بسرعة جنونية وتكاد تحتك بنوافذ سيارتنا.
وفي كل مرة كان عبده يحاول أن يفتح الباب لكي يخرج سرعان ما كان يتراجع عن المحاولة. إلى أن تمكن أخيرا من فتح غطاء السيارة مسلحا بزجاجة من المياه.
على غير وعي منه بالوضع الذي وجد نفسه فيه أخذ يضع أذنه على المحرك كما لو كان طبيبا يختبر نبضات القلب.
وتمكن باستخدام قطعة من القماش القذر من فتح غطاء الرادياتير، فتطاير الغطاء في الهواء بفعل الضغط الشديد. وأخذ عبده يصب الماء داخل الردياتير ملوحا لي بابستامة تكشف عن أسنان متباعدة. كان يبدو أنه سبق أن جرب تلك الطريقة من قبل.
من دواعي السخرية أن الزحام الكبير للسيارات الذي أدى بنا إلى التعطل كان يرجع إلى رغبة السائقين في التفرج على الحادث الذي شمل 5 سيارات على الجانب الآخر من الطريق.
غرامات جديدة
الأرقام الرسمية للحوادث في مصر تشير إلى مقتل 6 آلاف شخص في حوادث السيارات سنويا. وكثير من المصريين يبدون تشككهم في هذا الرقم ويقولون إن الرقم الحقيقي أعلى بكثير.
الحكومة تدرك حجم المشكلة. وقد بدأت أخيرا حملة من أجل التوعية بسلوكيات المرور.
وتشمل العقوبات في قانون المرور الجديد الذي صدر مؤخرا السجن في حالة ارتكاب مخالفات مثل تجاوز السرعة، وتناول الطعام أو الشراب اثناء القيادة أو وضع الأطفال الرضع في المقاعد الأمامية وهو ما يحدث بشكل دائم.
في الوقت نفسه يستهجن معظم المصريين القانون الجديد، فهم يرون أن لا أحد يمكنه أن ينظم المرور في القاهرة ولا يستعيد النظام في المدينة التي لم يخضع معظم الذين يقودون السيارات فيها اصلا لاختبارات قيادة.
ولا يزال الكثير من رجال شرطة المرور يغضون الطرف عن الكثير من المخالفات.
غير أن الزمن قد يكون في طريقه لأن يتجاوز السائق عبده فالسلطات تصر على أنها لن تجدد رخص سيارات التاكسي التي يتجاوز عمرها عشرين عاما وهي من خلال رؤيتي الخاصة السيارات التي تشكل الأغلبية في شوارع القاهرة.
ولكن من الناحية الأخرى، وهو ما يتفق فيه عبده معي، قد تؤدي الاجراءات الجديدة إلى قلة عدد سيارات التاكسي، وبالتالي إلى زيادة عدد السيارات الخاصة التي تسير في شوارع القاهرة مما سيؤدي إلى مزيد من تفاقم الوضع.
ويصبح الكفاح وسط الطرق المزدحمة أكثر تعقيدا مع انعدام أي احترام للإشارات الضوئية أو لشرطة تنظيم المرور.
وليس هناك أي التزام باحترام السير في الحارات المخصصة للسير المحددة بخطوط بيضاء.
لقد شيدت القاهرة الحديثة لكي تستوعب 4 ملايين نسمة. إلا أنها تضخمت حاليا ووصلت إلى 17 مليونا، وهو ما يفسر كيف تبدو شوارع المدينة الضيقة على ضفتي نهر النيل بحلول التاسعة صباحا، وقد تراصت فيها السيارات في أربع صفوف بدلا من صفين فقط.
ينحرف السائقون بأقصى مهارة ممكنة في نطاق أضيق المساحات الفارغة. وتحمل كل سيارة أو حافلة آثار المعركة الممتدة.
بالطبع اسعار قطع غيار السيارات مرتفعة الثمن كثيرا. ولا أحد يؤمن على سيارته.
والمطالبة بتعويض عن الخسارة شيء اقرب إلى البحث عن الماء في الصحراء.
والقاعدة بسيطة للغاية: اشعال الضوء العالي للسيارة أو استخدام منبه الصوت معناه غالبا أن السائق الموجود وراءك يعتزم تجاوزك حتى لو كانت المساحة المتاحة إلى جوار سيارتك، أو بينها وبين السور الأسمنتي لا تكاد تكفي لعبور سيارة أخرى!
أسوا تجاربي وسط هذا الجنون حدثت قبل يومين.
عن التاكسيات
البلد الذي اخترع الدقة في تصميم الإهرامات تسير فيها سيارات للتاكسي بدائية في كل شيء.
كانت كسوة مقاعد التاكسي الذي ركبته متخلفة وقديمة وبالية، والأسوأ انها كانت من النوع الذي يسبب صدمة كهربائية في الأفخاذ عندما تعرق بسبب الحرارة. لم يكن في السيارة مقابض لإنزال زجاج النوافذ وبالتالي لا مهرب من معاناة القيظ الذي يجعلك تشعر بالاختناق حتى في هذا الوقت من العام.
كانت السيارة بالفعل إحدى "التحف" العتيقة التي يشعر السائق عبده بالفخر وهو يقودها.
وبينما كنا نسير في الطريق الدائري بسرعة لم يكن من المتخيل أن تصل إليها هذه السيارة المتداعية مال عبده على المقعد الخلفي حيث كنت أجلس لكي يطمئنني بقوله إنه تعلم القيادة في الجيش.
كانت الفرصة تلوح أمامه عند الركن القادم من الطريق لاستعراض تكتيكاته الدفاعية.
شيدت القاهرة أساسا لاستيعاب 4 ملايين نسمة لكنها تستوعب حاليا 17 مليون
على سرعة 90 كيلومترا في الساعة اضطر للضغط فجأة على الفرامل فانحرفت السيارة قليلا وزمجرت عجلاتها فقد كانت هناك دورية تفتيش تكمن في منحنى من الطريق.
كانت فرامل السيارة قد قامت بمعجزة لكن العبء كان أكثر مما تستطيع تلك الفيات العتيقة تحمله فتعطلت في عرض الطريق. كان الطريق بعرض 18 مترا لكننا كنا بعيدين عن النقطة التي يمكننا عندها اخراج السيارة إلى الجانب الآمن بعيدا عن مسار السيارات أي بعيدا عن الخطر.
لقد قبعنا في قلب الخطر. وفي المقعد الخلفي كان التوتر الشديد يسيطر علي.
الآن استانفت السيارات سيرها وأصبحت تسير بسرعة جنونية وتكاد تحتك بنوافذ سيارتنا.
وفي كل مرة كان عبده يحاول أن يفتح الباب لكي يخرج سرعان ما كان يتراجع عن المحاولة. إلى أن تمكن أخيرا من فتح غطاء السيارة مسلحا بزجاجة من المياه.
على غير وعي منه بالوضع الذي وجد نفسه فيه أخذ يضع أذنه على المحرك كما لو كان طبيبا يختبر نبضات القلب.
وتمكن باستخدام قطعة من القماش القذر من فتح غطاء الرادياتير، فتطاير الغطاء في الهواء بفعل الضغط الشديد. وأخذ عبده يصب الماء داخل الردياتير ملوحا لي بابستامة تكشف عن أسنان متباعدة. كان يبدو أنه سبق أن جرب تلك الطريقة من قبل.
من دواعي السخرية أن الزحام الكبير للسيارات الذي أدى بنا إلى التعطل كان يرجع إلى رغبة السائقين في التفرج على الحادث الذي شمل 5 سيارات على الجانب الآخر من الطريق.
غرامات جديدة
الأرقام الرسمية للحوادث في مصر تشير إلى مقتل 6 آلاف شخص في حوادث السيارات سنويا. وكثير من المصريين يبدون تشككهم في هذا الرقم ويقولون إن الرقم الحقيقي أعلى بكثير.
الحكومة تدرك حجم المشكلة. وقد بدأت أخيرا حملة من أجل التوعية بسلوكيات المرور.
وتشمل العقوبات في قانون المرور الجديد الذي صدر مؤخرا السجن في حالة ارتكاب مخالفات مثل تجاوز السرعة، وتناول الطعام أو الشراب اثناء القيادة أو وضع الأطفال الرضع في المقاعد الأمامية وهو ما يحدث بشكل دائم.
في الوقت نفسه يستهجن معظم المصريين القانون الجديد، فهم يرون أن لا أحد يمكنه أن ينظم المرور في القاهرة ولا يستعيد النظام في المدينة التي لم يخضع معظم الذين يقودون السيارات فيها اصلا لاختبارات قيادة.
ولا يزال الكثير من رجال شرطة المرور يغضون الطرف عن الكثير من المخالفات.
غير أن الزمن قد يكون في طريقه لأن يتجاوز السائق عبده فالسلطات تصر على أنها لن تجدد رخص سيارات التاكسي التي يتجاوز عمرها عشرين عاما وهي من خلال رؤيتي الخاصة السيارات التي تشكل الأغلبية في شوارع القاهرة.
ولكن من الناحية الأخرى، وهو ما يتفق فيه عبده معي، قد تؤدي الاجراءات الجديدة إلى قلة عدد سيارات التاكسي، وبالتالي إلى زيادة عدد السيارات الخاصة التي تسير في شوارع القاهرة مما سيؤدي إلى مزيد من تفاقم الوضع.
المصدر : بى بى سى