الطاعون يزحف من الحدود الليبية الجزائرية

26 يونيو 2009 by: trtr388



شددت مراكز المراقبة على الحدود البرية بين الجزائر
وليبيا إجراءات الرقابة الطبية بعد تسجيل قرابة 50 حالة إصابة بالطاعون آخرها تم
اكتشافها على بعد 15 كلم من الحدود الليبية الجزائرية ويتخوف المراقبون أن ينقل
البدو الرحل والتوارق المنتشرون في المناطق الصحرواية بولاية إليزي المتاخمة
للمناطق الليبية التي اكتشف فيها وباء الطاعون العدوى إلى الجزائر.



وكشف مختصون في الأوبئة والفيروسات أن خطر دخول الطاعون إلى الجزائر عن طريق الحدود الليبية الجزائرية وارد في ظل امتداد طول الحدود الإقليمية بين الدولتين وكثرة حركة تنقلات البدو الرحل والتوارق غير المراقبة في المناطق الصحراوية الجزائرية المتاخمة للأراضي الليبية، كما أشار بلقاسم سليم المكلف بالاتصال على مستوى وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات إلى أن الجزائر تتابع تطور انتشار الطاعون في ليبيا ومراكز المراقبة الصحية للحدود البرية جاهزة لمنع دخول أي مصاب بأي نوع من الأمراض المعدية لأرض الوطن.
وأكد المركز الوطني الليبي للوقاية من الأمراض السارية والمتوطنة ومكافحتها أن قرابة 50 حالة مشتبه في إصابتها بوباء الطاعون القاتل منها 13 حالة مؤكدة أخضعت للحجر الصحي، في حين سجل وفاة شخص مصاب بالطاعون شرق ليبيا نتيجة تأخر الإبلاغ عنه ونقله للمستشفى حسب تصريحات مسؤول المركز الذي شار إلى أن معظم حالات الطاعون المسجلة منذ يوم الخميس الفارط تنتشر في المناطق الشرقية للجماهيرية الليبية، إلا أنه اكتشفحالة مشتبه فيها صبيحة امس على بعد 15 كلم من الحدود الجزائرية الليبية ما يشكل خطر انتقال المرض إلى الجزائر.
واحتجز صبيحة الاثنين الفارط أطباء المراقبة الصحية شخصا على مستوى مراكز المراقبة الصحية التابعة لوزارة الصحة المصرية على مستوى منفذ السلوم البري الرابط بين الأراضي الليبية والمصرية بعد الاشتباه في عدم استقرار حالته الصحية، وأكدت التحاليل المخبرية إصابته بالطاعون الذي كاد أن ينتشر في الأراضي المصرية كذلك بعد تسجيله بليبيا.
وعززت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات في الجزائر إجراءات المراقبة الطبية وشددت معايير متابعة الأوبئة والأمراض المعدية في ظل تزايد خطر انتشار وباء أنفلونزا الخنازير بعد تسجيل حالتين مؤكدتين مصابتين بفيروس "ايتش1أن1" مطلع الأسبوع الجاري، وكذا تسجيل حالات للطاعون في الأراضي الليبية المتاخمة للجزائر.

حتى لا تتكرر مأساة 1830
ظهور حالات من الطاعون القاتل في ليبيا أحدثت تحرّكا صحيا في مصر وتونس، حيث تقوم حاليا لجان صحية بالتوعية في كل المدن المصرية خاصة في الإسكندرية لأن الحالات التي ظهرت معظمها في شرق الجماهيرية الليبية أي على الحدود مع مصر التي يبلغ شريطها 1150 كلم، إضافة إلى أن أزيد عن مليون مصري يشتغلون في ليبيا بدأوا هذه الأيام العودة إلى مصر لقضاء عطلتهم السنوية، وتخشى مصر أن يصل الطاعون بعد أنفلونزا الطيور وأنفلونزا الخنازير ليطعن موسمها السياحي الذي ينتعش صيفا في الإسكندرية ومنتجعات الغردقة وشرم الشيخ، وقامت عدّة فضائيات مصرية منذ سهرة أول أمس، بعمليات تحسيسية حول مخاطر الطاعون الذي يقتل الناس والاقتصاد وقدمت صورا للأوساخ المنتشرة في مدينة الإسكندرية على أمل أن تتحرّك السلطات للقضاء على الأماكن التي تعيش فيها الفئران الضخمة السوداء التي هي الناقل الأكبر للطاعون نحو الإنسان، أما تونس التي تجمعها بليبيا شريط حدودي يبلغ 459 كلم فقط، فهي تدرك أن السياح القادمين من ليبيا وعددهم يتجاوز عدد الجزائريين (أزيد عن مليون) قادرون على نقل المرض، إذ تتعامل معهم باحتياط شديد، فهي ترفض الظهور في حدودها الجنوبية والشرقية بحزم حتى لا ينقطع عنها السياح الليبيين وتخشى في نفس الوقت تنقل المرض إليها فيضيع موسمها السياحي، خاصة أن شهر رمضان المصادف لمنتصف أوت سيحرمها من السياح الجزائريين والليبيين وفي المقابل نجد أن الشريط الحدودي الفاصل ما بين الجزائر وليبيا يقارب الألف كيلومتر (980 كلم) وهو شريط شاسع جدا وموسم عودة العمال الجزائريين في ليبيا حان منذ شهر جوان الحالي ومعظمهم يقطن بزواوة وطرابلس وبنغازي، حيث يشتغل جزائريو (زواوة وطرابلس) في التجارة، بينما يعيش الجزائريون في مدينة بنغازي بعائلاتهم وللأسف هي مدينة تقع شرق ليبيا، أي الأكثر خطرا في إصابتها بالطاعون المرض القاتل، الذي لم تعرفه الجزائر إلا عام 1830 واعترف الفرنسيون بأنهم هم الذين نقلوه إليها في حملاتهم الإستعمارية عبر البواخر وأدى حينها إلى هلاك المئات من أبناء الغرب الجزائري وهي المأساة التي اقتبس منها ألبير كامي روايته الشهيرة (الطاعون) التي كانت من بين الإبداعات التي منحته جائزة نوبل في الأدب عام 1956.
العائدون من بن غازي، بالخصوص منذ بداية جوان، اعتبروا تهويل الصحافة الغربية مبالغ فيه ولكنهم تمنوا محاصرة هذا المرض المرعب، خاصة الطاعون الرئوي الذي يقتل المصاب في ظرف لا يزيد عن ثلاثة أيام.

الطاعون قادم في غياب إجراءات وقائية عبر الحدود
أوضحت مصادر متطابقة "للشروق" على الحدود الجزائرية الليبية تابعة لوزارة الصحة أن هذه الأخيرة لم تبرق لحد لساعة أي مراسلة تتعلق باتخاذ إجراءات وقائية حول داء الطاعون الذي سجل في الجماهيرية الليبية باستثناء التدبير المتعلقة بداء إنفلونزا الخنازير، حيث قامت الوزارة الوصية بإرسال مكتوب عاجل للتكفل بالعملية ومراقبة الحدود وتنقل الأشخاص، وأوضح المرجع ذاته أن المصالح الطبية المختصة على مستوى الحدود من ناحية بلدية الدبداب 450 كلم عن ولاية إليزي لم تسجل أي حالة طاعون، بينما كشفت مصادر أخرى أنه تم تسجيل حالة واحدة بمنطقة غدامس الليبية 16 كلم عن الحدود الجزائرية، وهو ما يعني بداية توسع دائرة الداء الخبيث على الحدود، في وقت تظل الجهات المسؤولة تتفرج على الإصابات المرصودة على الجهة الأخرى بليبيا دون التدخل الاحتواء الموقف واتخاذ إجراءات فورية لاسيما على مستوى القرى الحدودية "مركسن"، "تمرولين"، "السطح" بإقليم بلدية الدبداب، وتعد مناطق، إليزي، الوادي، حاسي مسعود، ورقلة الأقرب إلى الحدود الليبية جغرافيا، ورغم ذلك لم تتلق المصالح الصحية تعليمات مركزية لمراقبة الوضع الحالي رغم الخوف المسجل بين سكان الحدود، ومعلوم أن داء الطاعون قد ضرب ليبيا الأيام الأخيرة، حيث قال مسؤول في منظمة الصحة العالمية منتصف الأسبوع الجاري أن المنظمة تدرس بلاغا من السلطات الليبية عن تسجيل إصابات بالطاعون في مدينة "طبرق" الواقعة على ساحل البحر المتوسط، مؤكدا أن المنظمة قد توفد فريقا متخصصا للتحري في الإصابات، من جهته قال خبير الأمراض الطارئة في منظمة الصحة العالمية جون جبور لوسائل الإعلام في القاهرة أن الحالات التي بلغت بها المنظمة تتجه إلي نحو 18 حالة من بينهم حالة وفاة واحدة بطرابلس، ولم تسجل ليبيا منذ أكثر من 20 عاما هذا المرض القاتل الذي عرف في العصور الوسطى بالموت الأسود. وأضاف أن منظمة الصحة العالمية ليس لديها تصور عام للطاعون داخل الجماهيرية بعد أن تم الإبلاغ عنه رسميا من قبل ليبيا
استنفار صحي بمعبر الدبداب بإيليزي
علمت "الشروق" من مصادر مطلعة أن إجراءات وقائية مشددة اتخذت على مستوى المعبر الحدودي الدبداب التابعة لولاية ايليزي والمتاخم لمعبر غدامس الليبي وذلك بعد تأكد إصابة مواطن مصري يعمل في مدينة غدامس بداء الطاعون قبل يومين فقط، وحسب ما استفيد من ذات المصادر فإن الإجراءات الاحترازية التي كانت السلطات الطبية قد اتخذتها قبل نحو ثلاثة عشر شهرا قد تعززت أكثر من خلال المراقبة الصحية الدقيقة للوافدين للتراب الجزائري سواء من المواطنين الجزائريين العائدين إلى ارض الوطن أو من الرعايا الأجانب، ويرجع ذلك إلى قرب المسافة بين مدينة غدامس الليبية وهي المدينة التي سجلت فيها الإصابة الأخيرة ومدينة الدبداب التي لا تزيد عن 15 كيلومترا، لذلك يخشى أن تنتقل عدوى وباء الطاعون الذي ظهر قبل نحو الأسبوعين في منطقة طبرق الليبية الواقعة على الحدود الليبية المصرية المشتركة، حيث سجلت أربع وفيات بالوباء إلى التراب الوطني، خاصة وان هذه الفترة تعرف عودة عديد المواطنين الجزائريين القاطنين في ليبيا والطلبة الذين يزاولون دروسهم في الجماهيرية إلى ارض الوطن لقضاء العطلة الصيفية، وتشمل الإجراءات الوقائية المتخذة تخصيص سيارات إسعاف ذات دفع رباعي وطبيب مناوب على مستوى المركز الحدودي وتوزيع أقنعة وقفازات على العاملين في المركز الحدودي الدبداب من جمركيين و شرطة.

ما هو داء الطاعون؟
الطاعون مرض قاتل، له أعراض تظهر أحيانا في شكل ندوب سوداء تنمو على الجلد، حيث يصاب الشخص المريض بالقيء الشديد والحمى، ومازال يقتل ما بين مائة ومائتي شخص كل سنة حول العالم. ويموت المصابون به في غضون أيام إذا لم تقدم لهم مضادات حيوية.
وكان وباء الطاعون الذي تفشى بين عامي 1347 و1351 وهو من أكثر الأوبئة فتكا في التاريخ وقتل 75 مليون شخص حسب بعض المصادر بينهم أكثر من ثلث سكان القارة الأوروبية.
وظهرالوباء في آسيا ثم انتقل إلى الشرق الأوسط ومنه إلى إفريقيا، يذكر أن منظمة الصحة العالمية أعلنت عن 1000 إلي 3000 اصابة بالطاعون تقريبا عالميا معظمها في الخمس السنوات الأخيرة رصدت في كل من مدغشقر، تنزانيا، موزمبيق، مالاوي، أوغندا، جمهورية الكونغو الديمقراطية


أرسل إلى خبرية
...تحت تصنيف: