النقاب يصيب دول أوروبا بالحيرة

14 سبتمبر 2009 by: trtr388

شهدت الأيام الماضية من جديد ظهور الجدل حول ارتداء النقاب فى دول الاتحاد الأوروبى نتيجة مشروع قانون طرح فى بلجيكا يهدف إلى منع ارتدائه فى الأماكن العامة. وقد اهتمت الصحافة الفرنسية بتغطية هذا الجدل على مدار هذا الأسبوع، خاصة بعد آخر تقرير أعدته وزارة الداخلية الفرنسية منذ أيام قليلة، والذى يشير إلى وجود 2000 سيدة منقبة فى فرنسا. وقد أفردت صحيفة "لوفيجارو" عدة مقالات تعكس تردد دول الاتحاد الأوروبى بشأن كيفية التعامل مع النقاب فى الأماكن العامة.


ليست فرنسا هى الدولة الوحيدة التى تشهد انقساما بشأن ارتداء النقاب على أراضيها، كما تقول الصحيفة، إذ يعانى عدد كبير من الدول الأوروبية من حيرة حقيقية إزاء التصرف الذى يمكن اللجوء إليه للتعامل مع ظاهرة النقاب. وكان آخر هذه الدول هى بلجيكا، حيث طرح مؤخراً مشروع قانون بفرض الحظر التام على ارتدائه فى الأماكن العامة، لأنها مسألة أمن قومى واحترام القيم الأساسية للمجتمع البلجيكى، كما تقول كريستين دى فرانيه، رئيسة كتلة الحركة الإصلاحية فى مجلس الشيوخ البلجيكى، وصاحبة هذه المبادرة، والتى تدافع عن نفسها ضد اتهامها بالعنصرية، قائلة إن ارتداء النقاب بالنسبة لها يعكس مظهراً من مظاهر التطرف، وهو أمر لا ينص عليه القرآن الكريم.


وعلى الرغم من أن النص لا يشير صراحة إلى النقاب، إلا أن القصد واضح: إذا تم تمرير التشريع، فسوف يعاقب القانون بغرامة من 15 إلى 25 يورو أو بأحكام بالسجن أى شخص يخفى وجهه إلى الدرجة التى تمنع القدرة على تحديد ملامحه.
بيد أن هذا الاقتراح لا ينجح فى الحصول على إجماع الآراء فى بلجيكا، تلك الدولة المحايدة حيث دروس الدين أو الأخلاق هى جزء لا يتجزأ من التعليم، حتى فى المدارس الحكومية.


إذ يشير إدوارد ديلروويل، مدير مركز تكافؤ الفرص فى بلجيكا، أن هذا الإجراء لا يتناسب مع حجم هذه الظاهرة، حيث لا يزيد عدد النساء المرتديات النقاب فى بلجيكا عن 200 سيدة داخل الطائفة المسلمة التى تتألف من 300 ألف إلى 400 ألف شخص.


وتعرض الصحيفة فى مقال آخر موقف عدد من الدول الأوروبية حيال النقاب وكيفية تعاملها معه. فها هى على سبيل المثال الدانمارك تعيش جدلا حادا بعد أن تقدم حزب المحافظين باقتراح بشأن منع ارتدائه فى الأماكن العامة. وذلك بعد أول حادثة من نوعها فى أوروبا، حيث قامت سيدة ترتدى النقاب بالإدلاء بشهادتها فى أوائل أغسطس فى محكمة كوبنهاجن، على الرغم من أن المحكمة الدانماركية تحظر حتى ارتداء القبعات والنظارات الشمسية داخلها!


وتضيف الصحيفة أن هولندا كانت أول دولة تفكر فى فرض حظر شامل على ارتداء النقاب فى 2005 لأسباب أمنية، بناء على النص الذى تقدم به النائب جيرت فيلدرز، عدو الإسلام الراديكالى. ولكن منذ ذلك الحين لا تزال الحكومة تماطل حتى اليوم، حيث لم يتم بعد سن أى تشريع بهذا الشأن. وعلى الصعيد العملى، تجد البلديات فى هولندا صعوبة فى فرض حظر ارتدائه. وتسوق الصحيفة مثال على ذلك، وهى إدانة إحدى البلديات الهولندية فى يونيو 2007 بعد أن رفضت دفع المعونة الاجتماعية لسيدة منقبة لم تنجح فى العثور على وظيفة لها بسبب النقاب.


أما فى السويد وإيطاليا، فالنقاب أيضا ممنوع من الناحية النظرية فى الأماكن العامة. ففى لوكسمبورج، تنص لوائح الشرطة على أنه من المحظور على أى شخص تغطية وجهه بالكامل بأى قناع فى الشوارع، إلا داخل نطاق الكرنفالات والاحتفالات.


وفى بريطانيا، لا يوجد أى تشريع بشأن النقاب، كما أن رؤية النساء المنقبات هو أمر شائع فى بعض أحياء المهاجرين. إلا أن هذا الوضع لم يمنع مثلا من إيقاف إحدى المدرسات عن العمل فى 2006 عندما أرادت التدريس وهى ترتدى النقاب.


"البوركينى" يثير أيضا جدلا


وتشير الصحيفة أن "البوركينى" أو لباس السباحة للمسلمات الذى صممته سيدة لبنانية فى أستراليا عام 2007، هو ما أثار جدلا كبيرا هذا الصيف. ففى حين حظر ارتداؤه فى إحدى المناطق الفرنسية ثم فى بلدة صغيرة فى إيطاليا، إلا أن أوسلو سمحت ياستعماله، حيث لا ترى "أى سبب تقنى" لتبرير منعه، بل أنها تقارنه بالزى المستخدم من قبل السباحين المحترفين.


وهناك حمام سباحة عام فى السويد يعرض "البوركينى" للإيجار. وحتى فى بريطانيا أيضا، فإن زى السباحة الإسلامى هذا بدأ فى الانتشار. وفى برلين، أجرى مؤخرا اختبار فى اثنين من حمامات السباحة العامة لقياس العواقب المحتملة على نسبة ارتياد المكان مع السماح باستعمال هذا اللباس. إلا أن هذه التجربة توقفت حيث لم تحضر سوى سيدة واحدة ترتدى هذا الزى!


وتقول الصحيفة فى النهاية إنه إذا كان هذا الزى يكتسب تأييدا متزايدا فى أوروبا، فهو لم يغزُ بعد منطقة الشرق الأوسط. ففى شهر يوليو الماضى، رفض حمام سباحة فى فندق بمرسى مطروح فى مصر نزول مواطنة نرويجية ترتدى "البوركينى". الأمر الذى أصابها بـ"صدمة"، فتقدمت بشكوى إلى سفارتها.



أرسل إلى خبرية
...تحت تصنيف: