مصر : تاكسي ساويرس يتنصت على "الزبائن" ويعرض محادثاتهم على الفضائيات

26 سبتمبر 2009 by: trtr388



تخيل نفسك وأنت تستقل التاكسي، وبينما تتجاذب أطراف الحديث مع السائق لحين الوصول إلى حيث تريد، أن محادثتك مسجلة بالصوت والصورة، والأدهى من ذلك، أنه يتم بثها على الفضائيات في انتهاك صارخ للحريات الشخصية ودون مراعاة لأية قواعد أخلاقية، هذا ما يفعله بالضبط رجل الأعمال الملياردير نجيب ساويرس في برنامجه على إحدى الفضائيات المملوكة له.
ويعرض ساويرس من خلال برنامجه المسمى "تاكسي مصر" لنص المحادثات التي تجرى بين مواطنين عاديين وسائقي تاكسي تابعين له والمدربين على استدراج "الزبائن" للحديث في مواضيع شتى، دون أن يعلم "الزبون" الذي يتحدث بأريحية كعادة المصريين، أن كل كلمة ينطق بها مسجلة بالصوت والصورة، وأن آراءه التي عبر عنها سيتم عرضها على الفضائيات، دون مراعاة لأية خصوصية، أو الحفاظ على حرمة الحديث.
فكرة البرنامج تقوم على استدراج زبائن التاكسي المجهز بأجهزة تنصت وتجسس والمزود بكاميرات من كافة الاتجاهات، وسماعات دقيقة تتجسس على زبائن التاكسي من الشعب المصري، والذين يستقلون هذه التاكسيات بحسن نية ودون أدنى علم بالمكيدة المدبرة لهم في تاكسي "مؤسسة ساويرس".
وأثناء ذلك، يقوم قائد التاكسي والتابع "لمؤسسة ساويرس" والمدرب تدريب عال على المحاورة والاستدراج من أجل توريط الزبون بأكبر قدر ممكن بفتح لحوارات مع زبائن التاكسي رجالاً ونساءً، في موضوعات عديدة: سياسية، اقتصادية، قضائية، دينية، فنية، رياضية، وجنسية أيضًا.
ولأنه غالبًا ما تكون هذه الأحاديث متنفسًا للمصريين للتعبير بتلقائية عن همومهم ومشاكلهم الشخصية والعامة، يعبر "الزبون" للسائق عن سخطه على الأوضاع بطريقة تهكمية لا تخلو من السباب في التعبير عن جام سخطه على الحكومة والمسئولين في مصر، خلال تطرقه بالنقد إلى الأحوال عمومًا في البلاد.
ففي تلك الحوارات، وجه الزبائن انتقادات للسياسات العامة للدولة والشخصيات السياسية بطريقة غير لائقة، وشككوا في نزاهة القضاء المصري واتهموه بما لا يليق خاصة في قضية رجل الأعمال هشام طلعت مصطفي التي ركز البرنامج عليها كثيرًا، وهاجموا شخصيات اجتماعية بعينها، وتم تناول القضية الجنسية بصورة مقززة.
ويفعل "الزبون" ذلك بحسن نية ودون أن يدرك أنه وقع ضحية لرجال ساويرس، بعد أن يتم توريطه في حوارات لا يجرؤ في التعبير عنها أمام الكاميرات، ومن ثم تقوم فضائية ساويرس بنقل المحادثة بالصوت والصورة وتاريخ ركوب الزبون للتاكسي، علمًا بأن هذا الزبون يحدد المكان الذي يقصده وأحيانًا أسمه ومكان عمله وطبيعته ومحل إقامته.
وكان ملاحظًا أن فضائية ساويرس خلال عرضها للتسجيلات التي من الواضح أنه تم تسجيلها خلال هذا العام، أنها تقوم بوضع صوت صافرة للتشويش على الكلمة النابية المفهوم معناها والواضحة على شفاه المتحدث المصور من كافة الاتجاهات.
لكن الشيء اللافت والذي يضع رجل الأعمال في موضع المساءلة والمحاسبة القانونية هو أن إذاعة تلك الحوارات لم يكن باستئذان من الذين تم التسجيل لهم، وهو ما يضعه تحت طائلة القانون الذي يعاقب القائم بالتنصت على المواطنين، دون الحصول على إذن من النيابة العامة.
ويطرح ذلك تساؤلاً حول الجهة التي سمحت لفضائية ساويرس بالتنصت على المواطنين، وعما إذا كان قانون المرور يسمح بأن يجعل المواطن عرضة للتنصت خلال ركوبه وسائل المواصلات، دون الحفاظ على الحرية الشخصية التي يكفلها الدستور، وعما إذا كان من حق المواطنين الضحايا اللجوء إلى القضاء للمطالبة بتعويضات مالية جراء عدم الحصول على موافقات شخصية منهم.
ويُخشى في ضوء ذلك، أن يكون ذلك مؤشرًا على عمليات تنصت تقوم بها شركة الاتصالات التابعة لنجيب ساويرس على مشتركيها البالغ عددهم 22 مليون مصري، خاصة وأن الدكتور طارق كامل وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كان قد أكد في تصريحات سابقة أن وزارته تسمح لشركات الاتصالات الخاصة بالتنصت على تليفونات المواطنين.


أرسل إلى خبرية
...تحت تصنيف: