الغموض يكتنف الوضع السياسي في لبنان بعد تنحي الحريري عن منصبه
11 سبتمبر 2009 by: trtr388أعلن سعد الحريري المكلف بتشكيل الحكومة اللبنانية ، بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في قصر بيت الدين ، أنه قدم للأخير اعتذاره عن تشكيل الحكومة.
وقال: "تعهدت أمام اللبنانيين العمل على تأليف حكومة وحدة وطنية تعكس نتائج الانتخابات ، وعملت على مدى 73 يوما لتحقيق هذا الهدف قناعة مني أن حكومة الائتلاف الوطني تمثل حاجة في هذه المرحلة وان التحديات الكثيرة التي تواجه لبنان توجب قيام مثل هذه الحكومة.. فطوينا قيام حكومة من لون واحد واتفقنا على مد اليد للتعاون من الجميع وعلى صيغة أخذت من الأكثرية حقها بالنصف زائدا واحدا".
وأضاف في البيان الذي أوردته الوكالة الوطنية للإعلام ، وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية: "أجرينا مشاورات كانت تنتهي إلى طرح شروط تستهدف إلغاء نتائج الانتخابات ، بناء عليه قدمت تشكيلة حكومية أرى فيها صيغة حكومة الوحدة وفتح صفحة جديدة من التضامن بين اللبنانيين ، وهي فرصة حقيقية ضاعت بمهب الشروط مع معرفة الجميع أنها لا تلغي أحدا بل تحترم حق الجميع بالمشاركة".
وتابع: "لما كنت أعرف انها لن تنجح وان الرئيس لن يتحول الى مجرد صندوق بريد ، ولما كان التزامي تشكيل حكومة وحدة اصطدم بحائط مسدود ، اعلن تقديمي للرئيس اعتذاري عن تشكيل حكومة ، آملا أن يشكل مناسبة لاطلاق عجلة الحوار وإجراء استشارت تنتهي إلى قيام حكومة تستطيع قيادة البلاد".
وأعرب الحريري عن أمله في أن يصب هذا القرار في مصلحة لبنان ، وأن يشكل مناسبة لإطلاق عجلة الحوار من جديد.
يذكر أن الحريري عين رئيسا لوزراء لبنان في 27 حزيران /يونيو الماضي وكلف بتشكيل حكومة جديدة ، بعد فوز تحالف الأغلبية (قوى 14 آذار) بقيادة "تيار المستقبل" بـ71 مقعدا ، تمثل أغلبية مطلقة ، من بين مقاعد البرلمان البالغ عددها 128 مقعدا ، بينما حصلت المعارضة بقيادة حزب الله على 57 مقعدا.
وبموجب الدستور اللبناني ، وجب على الحريري تشكيل حكومته الجديدة في غضون سبعين يوما بعد توليه منصبه.
وكان الحريري قدم التشكيلة الوزارية إلى سليمان الاثنين الماضي ، قائلا إنه "قدم لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان تشكيلة حكومة وحدة وطنية مؤلفة من 30 وزيراً على أساس صيغة الـ15-10-5 وتضم كل الكتل النيابية الرئيسية". وأبلغ وفد المعارضة اللبنانية رئيس الجمهورية أمس الاول الثلاثاء موقفه الرافض للتشكيلة الحكومية التي تقدم بها الحريري. وبحث سليمان التشكيلة الحكومية التي تقدم بها رئيس الحكومة المكلف مع وفد المعارضة اللبنانية. وقال الحريري في بيان مكتوب تلاه بعد اجتماعه بسليمان في المقر الرئاسي الصيفي في بيت الدين جنوب شرق بيروت،إنه قدم اعتذاره عن تشكيل الحكومة لرئيس الجمهورية.
وأشار الحريري في بيانه الى انه قبل بتشكيل الحكومة وتعهد بالعمل على تأليف حكومة وحدة وطنية تضم مختلف الاطراف السياسية،وأنه عمل طيلة 73 يوما على تحقيق تشكيل الحكومة لان التحديات الكثيرة التي تواجه لبنان توجب تأليفها . وأضاف انه أجرى مشاورات كانت "تنتهي دائما الى وجود تعطيل في مكان ما أدى الى المراوحة".
وأمل أن يؤدي اعتذاره " الى اطلاق الحوار من جديد واجراء استشارات جديدة تؤدي الى حكومة جديدة"،ممتنعا عن الرد على أسئلة الصحافيين.
وكان حسن نصر الله قال مساء الاثنين إن الطريقة التي استخدمها الحريري في تقديم التشكيلة الوزارية إلى رئيس الجمهورية تزيد الأمور تعقيدا ، واصفا خطوة الحريري بالتدبير غير المناسب.
وقال نصرالله في حفل إفطار اللجنة النسائية لهيئة دعم المقاومة الإسلامية إن "من حق كل كتلة نيابية ان تسمي الوزراء والحقائب" معتبرا ان الطريقة التي استخدمها الرئيس المكلف "تزيد من تعقيد حل الازمة". ونقل بيان وزعه حزب الله في وقت متأخر من مساء الاثنين عن نصر الله القول إن المعارضة اللبنانية "ستتصرف مع التدبير الجديد غير المناسب للرئيس المكلف بشأن الحكومة بتضامن كامل".
وقال المحلل السياسي محمد سلام إن قوى خارجية لعبت دورا فى فشل مفاوضات الحكومة ، قائلا إن إيران دفعت المعارضة التي يقودها حزب الله إلى تبني مطالب غير واقعية بهدف إفشال الأغلبية النيابية التي يتزعمها الحريري والمدعومة من الغرب. وأضاف أن المعارضة تواصل تبنيها مطالب غير واقعية ، لاسيما تلك الخاصة بزعيم التيار الوطني الحر ميشال عون (حليف حزب الله) الذي لا يزال يصر على تعيين صهره جبران باسيل وزيرا للاتصالات.
ورغم ذلك ، ذكر النائب اللبناني إبراهيم كنعان ، من تكتل التغيير والإصلاح الذي يتزعمه عون ، أن "الخطوة التي أقدم عليها الرئيس المكلف تناقض منطوق المادة 53 فقرة 4 من الدستور ، بإعداده منفرداً تركيبة حكومية وتقديمها إلى رئيس الجمهورية خلافاً لما ينص عليه الدستور لجهة أن يتم التأليف بالتوافق بين الرئيس والرئيس المكلف". واعتبر كنعان ذلك "سابقة تنتقص من صلاحيات الرئاسة الأولى وتجاوزاً للأعراف والأصول التي ترعى عملية تأليف الحكومات في لبنان".
ومن جانبه ، قال محمد فنيش وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال الذي ينتمي إلى حزب الله إن المفاوضات الرامية إلى تشكيل حكومة جديدة ستواصل مسيرتها. وأضاف أن استقالة الحريري ستدفع إلى إجراء جولة جديدة من المشاورات النيابية ، قائلا: "لا امكانية (في لبنان) الا حكومة شراكة". وقال مصدر حكومي طلب عدم الكشف عن هويته إنه من المقرر إعادة تكليف الحريري رئيسا للوزراء في المشاورات الجديدة التي ستبدأ في الأيام القليلة المقبلة مع نواب البرلمان.
وأوضح أن الحريري يتزعم الأغلبية الحاكمة في البلاد التي تتمتع بحق ترشيح رئيس الوزراء ، ومن ثم بات من الواضح أنه سيتم ترشيح الحريري مرة أخرى ، مما يمنحه فرصة جديدة لإجراء جولة أخرى من المفاوضات. غير أن مصدر قريب من المعارضة اللبنانية التي يقودها حزب الله قال إنه في حال ترشيح الحريري مرة أخرى ، فلن يكون قويا من الناحية السياسية نظرا لان اعتذاره عن تولي المنصب جاء في وقت كان وضعه ضعيفا للغاية.
يذكر أنه في عام 2006 ، شهدت لبنان أزمة سياسية مماثلة بعد استقالة كافة الوزراء الشيعة ، الموالين للمعارضة ، من الحكومة.
فيما اعتبر رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان اعتذار رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري اليوم الخميس عن عدم تشكيل الحكومة بأنه "ديمقراطي" ، مشيرا الى انه سيدعو إلى استشارات نيابية جديدة لتسمية رئيس جديد للحكومة .
وذكر بيان رئاسي أن سليمان تلقى من الحريري اعتذاره خلال لقاء بينهما لمناقشة ما آلت إليه المشاورات والاتصالات واللقاءات التي أجريت في سبيل تأليف الحكومة الجديدة ،واعتبر سليمان ما حصل " يندرج في السياق الديموقراطي". وأضاف البيان أن الرئيس "سيدعو إلى استشارات نيابية جديدة وفقا للأصول الدستورية"، وأنه قدر للحريري " الجهود التي بذلها" في سبيل تشكيل الحكومة