نصر الله في «خطاب التوازن»: صواريخ نوعية تدمّر ... ولا تخطئ

17 فبراير 2010 by: trtr388



دشّن الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله مرحلة جديدة في الصراع مع إسرائيل، معيداً بناء استراتيجية الردع أو توازن الرعب وفق قواعد اشتباك نوعية، لا بل وفق مشهد افتراضي تفصيلي دقيق، من شأنه أن يحدث دوياً كبيراً في الأوساط الإسرائيلية التي ستجد نفسها، مجدداً، مضطرة لمراجعة الكثير من العبارات والحسابات.. والتهديدات والتحديات. 




وكشف نصرالله في «خطاب التحدي والتوازن» الذي أطلقه، أمس، في ذكرى قادة المقاومة الشهداء عباس الموسوي وراغب حرب وعماد مغنية، بعضاً من ملامح المفاجآت التي ستغير وجه المنطقة، تاركاً للأيام المقبلة الكشف عن المزيد منها.
لم يكن جديداً أن يعلن «السيد» معادلة «تل أبيب مقابل الضاحية الجنوبية»، ذلك أنه في خطاب سابق له، قبل نحو سنة، أطلق هذه المعادلة، لكن في خطاب السادس عشر من شباط 2010، ذهب إلى المزيد من التفصيل: تدمير أبنية في تل أبيب مقابل تدمير مبنى واحد في الضاحية الجنوبية. لم يكتف الأمين العام لـ«حزب الله» بذلك، بل وعد الإسرائيليين بإصابات دقيقة، بمعنى أن كل صاروخ ستطلقه المقاومة، يملك القدرة والتقنية، بما يكفل إصابته للهدف المحدد.
لم تعد هناك نقطة في الداخل الإسرائيلي من الجليل الأعلى شمالاً إلى النقب وايلات عصية على صواريخ المقاومة اللبنانية، بل صارت للمقاومة قدرة على الوصول إلى أهداف محددة، وعندما تصل لن تكون وظيفتها «فخت» أو «خدش» بعض الجدران، بل تدمير هذه الأهداف تدميراً كاملاً.
في الحسابات الإسرائيلية التي تلت الخطاب مباشرة، أن السيد نصرالله، كان يقول لهم بطريقة مبطنة إن المقاومة اللبنانية تمتلك نوعيات جديدة وحديثة من الصواريخ القادرة على تحقيق إصابات دقيقة من جهة وفاعلية في التدمير من جهة ثانية.. والباقي متروك لكم، أيها الإسرائيليون، ولمخيلاتكم، ولأجهزة استخباراتكم واستخبارات غيركم من الدول.
وهكذا أعادت المقاومة التأكيد أنها تمتلك زمام المبادرة، في مواجهة سيل التهديدات الإسرائيلية الأخيرة للبنان، حكومة وجيشاً ومقاومة، وأنها طوّرت معادلة «تل أبيب مقابل الضاحية»، لمصلحة معادلة جديدة قوامها تدمير أبنية في تل أبيب مقابل تدمير مبنى واحد في الضاحية وتدمير البنية التحتية الإسرائيلية مقابل البنية التحتية اللبنانية.
لم يترك السيد نصرالله مجالاً لأي التباس أو اجتهاد في قراءة رسالته: «المقاومة لا تريد الحرب ولا تسعى إليها، أما إن حصلت، فأنا أقول للإسرائيليين: إذا ضربتم مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري في بيروت سنضرب مطار «بن غوريون» في تل أبيب، وإذا ضربتم الموانئ في لبنان سنقصف موانئكم، وإذا ضربتم مصافي النفط سنضرب مصافي النفط عندكم وإذا قصفتم محطات الكهرباء سنقصف محطات الكهرباء لديكم، وإذا ضربتم مصانعنا سنضرب مصانعكم... ونحن في لبنان شعباً ومقاومة وجيشاً وطنياً قادرون بقوة على حماية بلدنا ولسنا بحاجة إلى أحد في هذا العالم ليحمي لبنان. أنا اليوم، في ذكرى السيد عباس والشيخ راغب والحاج عماد أعلن وأقبل هذا التحدي».
وقد اختار نصرالله مدخلاً لخطابه، الذي ألقاه عبر شاشة عملاقة في مجمع سيد الشهداء بحضور حشد من الشخصيات تقدّمه ممثلا رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي، تقديم العزاء لمناسبة الذكرى الخامسة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، إلى عائلة الرئيس الشهيد، خصوصاً زوجته السيدة نازك ورئيس الحكومة سـعد الحريري «والى جميع الإخوة والأخوات في «تيار المستقبل» والمحبين لهذا الرئيس الشهيد».
ومن خلال هذه الالتفاتة، أطلّ على الداخل اللبناني، بتقييم ايجابي لصورة التضامن الوطني وحدود التفاهمات حول المقاومة في مواجهة التهديدات الاسرائيلية، مستثنياً منها، بطريقة غير مباشرة، البطريركية المارونية و«القوات اللبنانية» والى حد ما رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة.
وأشار نصرالله إلى أن الخطير في الكلام (الداخلي) حول عدم إعطاء الذرائع لإسرائيل أن فيه محاولة تبرير لإسرائيل وتحميل المقاومة المسؤولية، والأخطر في هذا السياق، ما بدأنا نسمعه منذ شهر في لبنان، في مكان ضيق ومحدد، وليس ضمن قوى واسعة، حول ان وجود المقاومة في لبنان، حتى لو لم تقم بأي شيء، هو في حد ذاته حجة كافية ليشن العدو حرباً، ومن أجل ألا يكون لدى العدو حجة، يجب إلغاء المقاومة. هذا الكلام خطير جداً لأنه يعني تبريراً كاملاً لأي عدوان إسرائيلي، وللأسف ما يقوله بعض اللبنانيين لا يقوله بعض الإسرائيليين.
وتساءل: هل هذا استدعاء للحرب؟ هل يجد البعض أن مشاريعه التي تبخرت في الآونة الأخيرة لا طريق لها إلا من خلال حرب إسرائيلية جديدة؟ ما هي مسؤولية الحكومة اللبنانية في هذا الإطار، هل هذا هو «العبور إلى الدولة»؟، هل تسكت الدولة على من يقدم تبريراً كاملاً لمن يعتدي على أرضنا؟

وعن مواجهة التهديدات، أكد نصرالله ان علينا مقابلتها بالتهديد الذي يمنع الحرب أو يؤجلها، وأضاف: نحن لا نريد الحرب وإن نكن نشتاق اليها، ولكن إذا وقعت، قلنا لهم في المرة الماضية إذا ضربتم الضاحية سنضرب تل أبيب، وللعلم فان التجمع الحقيقي الإسرائيلي هو في شريط ساحلي بعد حيفا وصولاً إلى جنوب تل أبيب عرضه الأقصى 15 كلم، وهناك يوجد السكان ومصافي النفط والمصانع وكل شيء. أنا اليوم لدي إضافة تفصيلية، فهم قد يفكرون بأنهم سيدمرون بنايات في الضاحية، ولكن نحن سنكتفي بأن «نُفخّت» حيطانًاً، أقول لهم اليوم أنتم تدمّرون بناء في الضاحية ونحن سندمر أبنية في تل أبيب.
وحول الثأر للشهيد عماد مغنية، أكد نصرالله انه خلال العامين الماضيين كان بين أيدينا الكثير من الأهداف المتواضعة، ولكننا لم نقدم على شيء، عدونا قلق دعوه قلقاً، فنحن الذين سنختار الزمان والمكان والهدف، وما نريده هو ثأر بمستوى عماد مغنية.
بيرنز في بيروت
وبينما كانت أصداء خطاب نصرالله تتردد في بيروت وتل ابيب، كان مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للقضايا السياسية وليم بيرنز يزور العاصمة اللبنانية حيث بحث مع المسؤولين في المساعدات العسكرية للجيش ومستقبل عملية التسوية، على ان يتوجه اليوم الى دمشق.
والتقى بيرنز رئيس الجمهورية ميشال سليمان، مجدداً دعم لبنان «على مستوى المساعدات العسكرية للجيش» ومؤكداً أن بلاده «لن تدعم أي تقدم في المفاوضات في المنطقة على حساب لبنان»، بينما كرر رئيس الجمهورية طرح موضوع الإجراءات الاميركية بالنسبة إلى المسافرين من لبنان إلى الولايات المتحدة وكذلك منع بث بعض المحطات على الاقمار الاصطناعية، مشيراً إلى أن «ذلك يتناقض مع مبدأ الحريات العامة».
كما زار بيرنز رئيس الحكومة سعد الحريري، آملاً ومتوقعاً أن تمارس الحكومة اللبنانية سلطتها الشرعية على كامل لبنان، «وان نبقى ملتزمين بالتطبيق الكامل لكل القرارات الدولية ذات الصلة بما فيها القرارات 1559، و1680 و1701».
مجلس الوزراء: البلديات.. تابع
على صعيد آخر، يعقد مجلس الوزراء اليوم جلسة مخصصة لاستكمال البحث في التعديلات المقترحة على قانون الانتخابات البلدية، وسط مؤشرات توحي بان هذه الجلسة قد لا تكون الأخيرة، بسبب استمرار التباينات حول الاصلاحات المقدمة من وزير الداخلية زياد بارود، لا سيما في ما خص بندي النسبية وانتخاب رئيس البلدية من الشعب وتشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات.
وعلمت «السفير» ان رئيس الجمهورية ميشال سليمان سيستهل الجلسة بطرح مسألة النسبية، حيث من المتوقع ان يسأل عما إذا كان هناك بين الاطراف الوزارية من غيّر رأيه حيالها، بما يبرر معاودة فتح النقاش حولها على أمل إقرارها ومن ثم وضع آلية تطبيقها، وإلا فان سليمان يعتبر ان لا جدوى من تجديد الحوار بشأنها لان المواقف السابقة للوزراء معروفة وهي دلت على ان هناك نوعا من التعادل في الاصوات بين الرافضين والمؤيدين، علما ان المعلومات أفادت بان رئيس الجمهورية لن يعرض اقتراح النسبية على التصويت، ما لم تكن أكثرية الثلثين مضمونة.
ويبدو ان العنصر المستجدّ الذي قد يعيد خلط الاوراق يتعلق بليونة أبداها مؤخرا كل من رئيس الحكومة سعد الحريري وحزب الله حيال مبدأ النسبية، علما أن وزير تيار المستقبل جان أوغاسبيان أوضح لـ«السفير» ان الرئيس الحريري مستعد للسير بالنسبية شرط أن تأتي في سياق حل وفاقي وان تُعمم على كل المناطق، لان اقتصارها على بعض المناطق دون الأخرى يتعارض مع المساواة.
من جهتها، أبلغت مصادر وزارية «السفير» أنها تستبعد ان يتم اليوم إقرار بندي النسبية وانتخاب رئيس البلدية من الشعب، لأنه من الصعب مبدئياً تأمين ثلثي أصوات للوزراء أي 20 من أصل 30 لتمريرهما، إلا إذا كانت الفترة الفاصلة عن الجلسة السابقة شهدت تحولاً فعلياً في مواقف بعض القوى، معربة عن اعتقادها بأن ملوك الطوائف سيتمسكون برفض أي إصلاح من شأنه أن يفقدهم القدرة على اختزال المجالس البلدية بأكثرية موالية لهم والتحكم باختيار رئيس البلدية.
ولفتت المصادر الانتباه إلى أن تأجيل الانتخابات هو بدوره ليس قراراً سهلاً في ظل انتفاء الأسباب القاهرة التي تبرر ذلك دستورياً، منبّهة إلى أن أي تأجيل سيكون قابلاً للطعن أمام المجلس الدستوري على قاعدة أنه لا يجوز تعطيل دورية الانتخابات من دون «عذر شرعي».
وفي حال استبعاد خيار النسبية، فإن وزراء التيار الوطني الحر وتيار المردة سيثيرون مجدداً موضوع تقسيم بيروت انتخابياً بما يحقق تمثيلاً أفضل على المستوى البلدي، مع الإشارة إلى أن الرئيس الحريري يرفض بشدة تقسيم العاصمة، الأمر الذي دفع بعض الوزراء إلى توقع حوار حار وطويل حول هذه المسألة في جلسة اليوم.
إلى ذلك، قالت أوساط مقربة من رئيس الجمهورية لـ«السفير» إنه يفترض أن تكون جلسة اليوم حول قانون الانتخابات البلدية هي الأخيرة إلا إذا ارتأت أغلبية الوزراء عقد جلسة أخرى لاستكمال النقاش. وأكدت أن وزراء رئيس الجمهورية يدعمون اعتماد النسبية وانتخاب رئيس البلدية من الشعب.
وقال الوزير وائل أبو فاعور لـ«السفير» إنه يتوقع اليوم جلسة أخرى من جلسات التمرين النظري والتثقيف البلدي، موضحاً أن الحزب التقدمي الاشتراكي يؤيد النسبية ما دامت طرحا إصلاحيا مجردا، ولكن ما نخشاه هو استخدامها في الصراع السياسي القائم للمزايدة أو لتحسين المواقع. وأشار إلى أن وزراء «اللقاء الديموقراطي» سيتشاورون مع النائب وليد جنبلاط بشأن بعض المعطيات المستجدة على هذا الصعيد قبل اتخاذ الموقف الحاسم.
وبالنسبة إلى انتخاب رئيس البلدية من الشعب، أكد أبو فاعور رفض هذا الطرح لأنه يمنح الرئيس حيثية وسلطات مبالغاً فيها، قد تجعله لا يقيم وزناً لأعضاء المجلس البلدي، عدا عن انتخاب الرئيس سيؤدي إلى الإطاحة ببعض التوازنات والأعراف في البلدات المختلطة. 




السفير

أرسل إلى خبرية
...تحت تصنيف: