تقرير أمريكى: مصر تنافس المنطقة بتدنى أجور العمالة

21 فبراير 2010 by: trtr388


«يعتمد نموذج التنمية الاقتصادية الذى تتبعه الحكومة المصرية بشكل كبير على جذب الاستثمارات الأجنبية بعوامل مثل تدنى أجور العمال، واتسام القوى العاملة المصرية بالطاعة، وضعف تشريعات عمل الأطفال والصحة والأمان»، بحسب ما جاء فى تقرير صادر عن مركز التضامن الأمريكى



والذى أكد أن هذا النموذج لن يؤمن النجاح الاقتصادى أو الاستقرار الاجتماعى طويل المدى، كما أنه يقوض شرعية الحكومة ويلوث سمعة مصر الدولية.

ويحذر التقرير الذى يحمل عنوان «العدالة من أجل الجميع.. الصراع من أجل حقوق العمال فى مصر» من أن هناك خطرا كبيرا بأن تقود مصر المنطقة إلى «سباق تجاه القاع»، بحيث يكون من الضرورى لتحافظ دول المنطقة على تنافسيتها أن تجارى مصر فى تدنى الأجور وانتهاك حقوق العمالة، متسائلا إن كانت مصر تريد أن «تلعب دور الصين فى المنطقة»، مشيرا إلى تجربة الصين التى نجحت فى أن تكون مهيمنة على صناعة المنسوجات والملابس فى العالم بسبب انخفاض أجور العمالة.

ويعتبر معدو التقرير أن أى اتفاقية لتحرير التجارة بين أطراف دولية يجب أن تكون مشروطة بعدم انتهاك حقوق العمال، إلا ان اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة (الكويز) والتى تعطى لصادرات هذه المناطق الحق فى دخول السوق الأمريكية معفاة من القيود الجمركية والكمية، مقابل الالتزام بنسبة مكون إسرائيلى فى المنتجات، لا تحافظ على حقوق العمال، حيث تنخفض أجور العمال فى مصانع المنسوجات الداخلة فى نطاق الكويز مقارنة بدول المنطقة.

فمستويات أجور العاملين فى قطاع النسيج فى مصر لا تمثل أكثر من 47% مما يحصل عليه نظراؤهم فى تونس، و36% مما يحصلون عليه فى المغرب، و32% من أجور عمال هذا القطاع فى تركيا، ويصل الحد الأدنى لأجور عمال النسيج فى الأردن إلى 155 دولارا شهريا، بينما يقل كثيرا فى مصر عن هذا المستوى بحسب التقرير.

ويشير خالد رأفت، وكيل المجلس التصديرى للملابس الجاهزة، إلى أن متوسط أجور العمالة فى مصانع الملابس التابعة لمناطق الكويز يتراوح ما بين 110 و130 دولارا شهريا، موضحا أنها قد ارتفعت لهذا المستوى نتيجة للنمو فى هذا القطاع فى ظل اتفاقية الكويز.

ويعتبر رأفت أن مستويات الأجور فى الدول المنافسة لمصر تقل عن ذلك بكثير، حيث تتراوح بين 70 و80 دولارا فى الهند، وتصل إلى 40 دولارا فى بنجلاديش، بينما ترتفع الأجور فى دول مثل المغرب وتونس «بسبب قلة العمالة نتيجة لقلة عدد السكان»، علاوة على أن هذه الدول تركز على إنتاج أنواع من الملابس أغلى سعرا من الملابس التى تصدرها مصر، فى حين ترتفع الأجور فى الأردن بسبب اعتمادها على استيراد العمالة من الخارج.

ويشير رأفت إلى أن تكلفة أجور العمالة فى مصر تمثل نحو 15% من مجمل سعر البيع، «ورفعها عن هذا المستوى يقلل من تنافسية سعر المنتج المصرى فى ظل المنافسة العالمية المحتدمة، خاصة أن إنتاجية العمالة المصرية أقل من إنتاجية العمالة المماثلة فى الدول المنافسة فى جنوب شرق آسيا».

واعتبر التقرير الأمريكى أن تصاعد الاحتجاجات العمالية منذ 2004، العام الذى تولى فيه أحمد نظيف رئاسة الوزراء، واستمرارها حتى عام 2010 يعد أقوى حركة ديمقراطية فى مصر منذ أكثر من نصف قرن، ويستحق أكثر بكثير من الدعم الذى قدمه المجتمع الدولى حتى الآن، فهذا الدعم والاعتراف يجب أن يظهر التزاما بالتحول الديمقراطى فى مصر من خلال أهلها وأن يحقق مساهمة ملحوظة فى هذه العملية.

وأشار التقرير إلى أن برنامج الخصخصة والإجراءات الليبرالية الجديدة التى تتخذها مصر نجحت فى أن تحوز إعجاب المؤسسات المالية الدولية، مثل البنك الدولى وصندوق النقد الدولى ومنتدى الاقتصاد العالمى، والتى وضعت مصر فى مراكز متقدمة من حيث الإصلاحات الاقتصادية، التى من شأنها أن تسهل الأمور على شركات القطاع الخاص.

وساهمت هذه الإصلاحات فى تحقيق معدلات نمو تجاوزت 7% خلال الفترة من 2005 إلى 2008، إلا أن «العمال دفعوا الكثير فى مقابل هذه الإنجازات»، فتقليل العمالة والأجور وتدنى ظروف العمل وتعيين عمالة غير نقابية كانت نتائج شائعة لخصخصة شركات القطاع العام، كما ذكر التقرير فى سياق حديثه عن أوضاع العمالة فى مصر بعد الخصخصة. «وحتى عندما تكون هناك تعهدات تعاقدية مع الدولة، تلزم الشركات الخاصة بالحفاظ على عدد العمال بنفس أجور وظروف العمل التى كانت عليها الشركة العامة عند شرائها، فنادرا ما يكونون مجبرين على الالتزام بوعودهم» كما أضاف التقرير.

واعتبر التقرير قيادة الاتحاد العام لنقابات عمال مصر فى مفترق طرق، حيث يمكنها أن تواصل وضعها كعائق لمقاومة حقوق العمال، أو أن تنضم للمقاومة وفى هذه الحالة عليه أن يكون المنظمة القائدة فى مصر للدفاع عن التطبيق الكامل معايير العمل التى تضعها منظمة العمل الدولية بالتماشى مع المواثيق التى أقرتها مصر، وبقيامه بهذا يؤكد الاتحاد أنه ليس بحاجة للاحتكار لكسب التابعين.

وطالب التقرير مجتمع العمل الدولى، ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، والحكومة الأمريكية، والشركات الأمريكية بالتحدث بصوت عال لدعم التطبيق الكامل لمعايير العمل الصادرة عن منظمة العمل الدولية فى مصر، وهو ما سيسهم فى تحقيق ما هو أكثر بكثير من تحسين حياة العمال المصريين وأسرهم، حيث يمكن أن يساعد فى نشر الديمقراطية فى البلاد. 



أرسل إلى خبرية
...تحت تصنيف: