هشام والسكري ينتظران إخلاء سبيلهما
09 مارس 2010 by: trtr388يبدو أن حكم محكمة النقض، بقبول الطعن المقدم من رجل الأعمال القيادي بالحزب الوطني هشام طلعت مصطفى، وضابط امن الدولة السابق محسن منير السكري ضد حكم الإعدام ضدهما في قضية مقتل المطربة سوزان تميم، وإعادة المحاكمة من جديد أمام دائرة قضائية أخرى غير التي أصدرت حكم الإعدام، خلق مساحة كبيرة من التفاؤل والفرح، أصابت هشام والسكري، وأسرتيهما، مع بزوغ أمل أكبر في إخلاء سبيلهما مع أول جلسة محاكمة أمام الدائرة الجديدة، استفادة من التعديلات القانونية الأخيرة على قانون العقوبات التي تقضي بعدم بقاء المحبوس احتياطيا على ذمة احدى القضايا لأكثر من عامين.
المحامي نبيه الوحش قال :
- تقضي قواعد محكمة النقض أنه من قدم إليها محبوساً يظل محبوساً إلى حين عقد أولى جلسات إعادة المحاكمة في حالة قبول الطعن بالنقض، ولمحكمة الموضوع تقرير استمرار حبسه، أو إخلاء سبيله بالضمان المالي الذي تراه، أو بدون ضمان مالي.
وحدثت بعض الحالات المماثلة، حيث أخلت محكمة الموضوع سبيل عضو البرلمان عماد الجلدة، وعضو البرلمان هاني سرور في قضية أكياس الدم الملوثة، وكذلك إخلاء سبيل مستشار وزير الزراعة السابق يوسف عبد الرحمن، وراند الشامي في قضية المبيدات المسرطنة. وهذه سلطة تقديرية للمحكمة ليست مرتبطة بقواعد قانونية، لكن إذا قضت المحكمة بإخلاء سبيل هشام طلعت مصطفى ومحسن السكري، فلابد أن يمثلا أمامها في كل جلسة من جلسات إعادة المحاكمة الى حين الحكم النهائي، وللمحكمة إذا استشعرت في أي جلسة أنه يخشى عليهما من الهرب، فلها الحق في إعادة حبسهما احتياطا مرة أخرى.
الإفراج عن المتهمين
وأضاف الوحش: القاعدة أنه لا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي طوال مراحل الدعوى على عامين، ويستثنى من هذا النص المحكوم عليه بالإعدام، ويكون لمحكمة النقض أو محكمة الإحالة (الدائرة الجديدة في محكمة الموضوع) أن تأمر بالحبس لمدة 45 يوما وتجدد لمدد أخرى حسب تقديرها، وأيضا لها الصلاحيات في الإفراج عن المتهم بعد قضاء هذه المدة حتى الفصل في الدعوى، وفي حالة هشام والسكري فإنهما رهن الحبس الاحتياطي.
وأوضح انه جرى حبس السكري في6 أغسطس 2008، وهشام في 2 سبتمبر 2008 وفي هذه الحالة يتم تحديد المدة الكاملة ويعرض الأمر على الدائرة الجديدة في محكمة الجنايات، والتي ستحددها محكمة الاستئناف لنظر الدعوى من جديد، وهي دائرة مختلفة عن دائرة المستشار محمدي قنصوه الذي أصدر الحكم بالإدانة والإعدام في حق هشام طلعت مصطفى ومحسن منير السكري.
محاكمة من دون قيود
وعند إعادة المحاكمة لا يوجد قيود على النيابة العامة أو الدفاع في تقديم أي أدلة جديدة تثبت ارتكاب الجريمة أو نفيها، مع الوضع في الاعتبار ضرورة النظر في الأسباب التي ستودعها محكمة النقض لإلغاء حكم الجنايات الذي صدر بإعدام هشام طلعت مصطفى ومحسن السكري، ومحاكمتهما من جديد أمام دائرة أخرى في القاهرة.
وحسب فقهاء القانون، فإن الأسباب التي ستودعها محكمة النقض تكون ملزمة للدفاع والنيابة، ومحكمة الإعادة وهذه الأسباب ستكون بمنزلة الخطوط المحددة لها ولابد من مراعاتها حتى لا تكون المحكمة قد خالفت تطبيق القانون.
من جانبه رفض رئيس محكمة الجنايات المستشار خالد القاضي الإدلاء بأي تصريحات صحفية حول القضية، وقال لـ«القبس»: لا استطيع الإدلاء بأي أحاديث صحفية حول القضية لأنني قد أجد تكليفاً لي بنظر القضية.
مستندات وأدلة جديدة
خالد فؤاد المحامي بالنقض قال لـ«القبس»:
- سوف تسمح المحكمة الجديدة بتقديم سائر المستندات والأدلة الجديدة، لأن الحكم بالإعدام في حق هشام والسكري شابه الكثير من أوجه القصور، حيث لم تعاين المحكمة مسرح الجريمة، وهناك نوع من تجهيل الاتفاقية القضائية بين مصر والإمارات، ولم يتحدث عنها احد، وهي التي تبيح التصالح ودفع الدية في جرائم القتل. ووفقاً للدستور المصري في مادته 151 التي أكدت أن الاتفاقيات التي تبرم بين مصر ودولة أخرى تعتبر بمنزلة القانون، بل هي مقدمة عليه، كان من الواجب على النيابة العامة أن تتعامل مع هشام بموجب هذه الاتفاقية.
وأضاف فؤاد:
- بعد قبول الطعن المقدم منهما سيعود هشام والسكري الى الحالة التي كانا عليها أثناء المحاكمة الأولى، أي سيرتديان الملابس البيضاء (ملابس الحبس الاحتياطي) بدلا من ملابس الإعدام الحمراء، وستكون الدعوى هذه المرة كأنها دعوى جديدة مبتدئة يتولى فيها الدفاع الدفع بمطالبه من جديد، وان كان ذلك سيتم في ضوء الأسباب التي أوضحتها محكمة النقض، وستكون بمنزلة الخطوط المحددة التي ينبغي أن تلتزم بها محكمة الإعادة، لأنها ستكون قانونا لها لا بد من مراعاته، وإذا خالفتها ستسبب مخالفة تطبيق القانون ونقض الحكم للمرة الثانية.
لذلك إذا تحددت الأسباب في نقاط معينة مثل إخلال محكمة أول درجة بحق الدفاع، فإن على محكمة الإعادة أن لا تلتفت عن مطالبه في محاكمة ثاني مرة وستكون مقيدة في هذا الأمر بالالتزام بما رأته محكمة النقض من إخلال، أو قد يكون سبب النقض في صلب الموضوع لو أخذت بأسباب جوهرية في القضية، كالعثور على بصمة لشخص لم تكتشف هويته داخل شقة المجني عليها. وهنا قد يتمكن الدفاع في الوصول إلى براءة موكليه إذا اكتشف الجاني الحقيقي في الواقعة أو قد يكون متهم ثالث مشارك في الواقعة، بمعنى أن القضية التي سوف يتم النظر فيها في المرة الثانية ستكون على ضوء الأسباب التي ستودعها محكمة النقض.
تصالح ودفع دية
وأكد فؤاد:
- من المتاح تقديم طلبات جديدة من دفاع المتهمين أو النيابة، تضاف إلى أوراق القضية وان كان ذلك ليس من المتبع كثيرا، لأن الدفاع والنيابة تكون قد قدمت كل ما لديها من دلائل وقرائن أثناء المحاكمة الأولى، وإذا ما رأت محكمة ثاني مرة أنها وصلت إلى الحكم الأول نفسه، فإنها لا تتردد في إصداره، لكن في هذه الحالة لن يتم إرسال ملف القضية إلى المفتي لإبداء رأيه، بل سيتم النطق بالحكم لأنه ابدى رأيه في المرة الأولى.
لكن قد تحدث تغييرات في الأحكام اذا قبل أهل المجني عليها التصالح، وارتضوا بالدية وذلك لان أهل المقتول لو قبلوا الدية فلا قصاص، وبذلك يبقى حق المجتمع الذي قد تصل العقوبة فيه إلى7 سنوات فقط.
ان الأسباب التي ستودعها محكمة النقض في هذه القضية ستكون هي الفارقة وعلى أساسها سيباشر الدفاع والنيابة ومحكمة الإعادة نظر القضية.
قصور في الحكم
المستشار محمد صفوت عليوة قال:
- في هذه القضية قررت المحكمة الطعن كلية، ولم تستجب لطلب نيابة النقض بالطعن في جزئية واحدة، وهذا يعني أن هناك قصورا في الحكم بإعدام هشام طلعت ومحسن السكري، وعلى الدائرة الجديدة أن تستدرك هذه الأخطاء وتعالج هذا القصور.
وتوقع عليوة ألا تستغرق المحاكمة وقتاً طويلاً لوضوح كل الأمور أمام الدائرة الجديدة التي لن تحتاج إلى تحريات جديدة.
فيما توقع عصام يوسف المحامي:
- أنه من الممكن، وحسب قناعة المحكمة، أن تنتقل هي أو من ينوب عنها إلى دبي استجابة لطلب الدفاع لعمل تحرياتها إذا كان هذا الانتقال يفيد القضية، ويحقق مبدأ الدفاع وتكافؤ الفرص.
عودة إلى نقطة الصفر
مع قبول محكمة النقض الطعن في حكم الاعدام الصادر ضد هشام طلعت مصطفى ومحسن السكري في قضية قتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم، يعود الوضع إلى نقطة الصفر، أي تبدأ محاكمة جديدة لا بد أنها ستشغل الرأي العام لشهور عديدة.
مفاجأة
ربما كانت المفاجأة التي لم يتوقعها هشام طلعت واسرته إعلان المستشار بهاء الدين أبو شقة ونجله الدكتور محمد الانسحاب من هيئة الدفاع عنه، بعد الإعلان عن إعادة محاكمته، وأرجعا السبب إلى الخلافات الكبيرة مع المحامي فريد الديب. واعتبر أبو شقة أن هشام طلعت هو الوحيد الذي له الحق في تحديد من يدافع عنه.
وأدى هذا القرار المفاجئ إلى ردود فعل داخل أسرة هشام طلعت، خاصة أن رجل الأعمال نفسه هو الذي أصر على ضرورة وجود أبو شقة معه في مرحلة النقض والتي كانت هي الأهم بالنسبة له في ظل الحكم بالإعدام الذي صدر بحقه، رغم المرافعات التي أبداها فريد الديب أمام المحكمة، وهو ما دفعه في حينها إلى البحث عن هيئة دفاع ومحامين لديهم الخبرات القانونية الكبيرة في النقض، وهم الدكتورة آمال عثمان، والدكتور عبد الرؤوف مهدي، والدكتور حسنين عبيد، والمستشاران بهاء أبو شقة وحافظ فرهود. كل هؤلاء قدموا مذكرات بالطعن على الحكم، لكن حدثت خلافات بين الديب وأبو شقة الذي آثر ألا يترك طلعت قبل الفصل في الطعن.
وتفادياً لهذا الخلاف كلف هشام زوجته وشقيقته سحر الاتصال بالمحاميين فريد الديب وبهاء أبو شقة، لإبلاغهما برغبته في الاجتماع بهما داخل السجن لإزالة الخلاف بينهما، وإقناعهما بالعمل معاً كفريق دفاع واحد عنه في القضية.
ملابس بيضاء
بعدما تلقت إدارة سجن مزرعة طرة حكم النقض بإلغاء حكم الجنايات ارتدى هشام والسكري ملابس الحبس الاحتياطي البيضاء، واستبدلا الملابس الحمراء التي ظلا يرتديانها منذ 25 يونيو الماضي ليعودا إلى حالتهما الأولى كمحبوسين احتياطا، وتعود لهما حقوقهما القانونية، ويتمتعان بلوائح السجن المنظمة للزيارات وغيرها لمن يكون محبوسا على ذمة النيابة.
ويعامل طلعت والسكري حاليا مثل غيرهما، وخرجا من الزنزانة الانفرادية إلى عنبر المحبوسين احتياطا حيث يسمح لهما بالوجود خارج العنبر نحو7 ساعات في اليوم بدلا من ساعة واحدة للمحكوم عليهم بالإعدام.
ولم يكن أمام طلعت سوى القول بأن الله سيظهر الحق يوما ما، وهذه هي البداية، ويؤكد لزوجته هالة عبدالله ولكل زواره ثقته الكاملة بالقضاء الذي سينصفه في النهاية، رغم الحملات التي تعرض لها وكانت تستهدفه، ولم يخرج أحد من عائلته للرد عليها، فهو حريص على أن يكون الرد العملي أمام المحكمة ليبرئ ساحته نهائيا.