موريتانيا : جدل واحتجاحات حول مكانة اللغة العربية في المجتمع ومؤسسات الدولة

31 مارس 2010 by: trtr388



ازداد الجدل في موريتانيا احتداما بين 'الزنوج' (السكان ذوي الأصول الافريقية) المنزعجين من التوجهات العروبية للحكومة، والقوميين العروبيين الذين يرون أن اللغة العربية باتت مهددة في البلاد.
وقد احتدم هذا الجدل بعد احتجاجات للطلاب 'الزنوج' في جامعة نواكشوط على تصريحات أخيرة للوزير الأول الموريتاني، مولاي ولد محمد الأغظف، قال فيها ان حكومته ستدعم اللغة العربية بتعميمها في جميع المرافق الإدارية كلغة عمل ومراسلات وبحث علمي.
وجاءت تصريحات المسؤول الموريتاني بمناسبة إحياء يوم اللغة العربية بموريتانيا تحت شعار 'العربية.. لغة ديننا وهويتنا'.
وقد نظم الطلاب 'الزنوج' في جامعة نواكشوط تظاهرات احتجاجا على ترسيم العربية وإحلالها لغة عمل بدل الفرنسية، وهو ما رأوا فيه تهديدا لهم وإقصاء.
وزاد من انزعاج هذه الفئة من الطلاب قول الوزير الأول الموريتاني، ولد الأغظف، ان اللغة العربية كانت 'طوق نجاة وملاذا أوحد في البلاد للذود عن الهوية، والسند القوي للاحتماء من المسخ والاندثار ضمن مشروع استعماري، كان في البداية يعتمد على المد الثقافي كأنجع وسيلة للتحكم والتمكن'.
كما انزعجوا لقوله ان موريتانيا 'ستبقى منقوصة السيادة والهوية ما لم تتبوأ اللغة العربية مكانتها وتصبح لغة علم وتعامل، كما كانت في الماضي'.
يذكر أن المادة السادسة من الدستور الموريتاني تنص على أن العربية هي اللغة الرسمية للدولة.
وزاد من انزعاج 'الزنوج' تصريح آخر لوزيرة الثقافة والشباب والرياضة الموريتانية، سيسه بنت الشيخ، قالت فيه ان 'أكبر تحد تعانيه اللغة العربية في موريتانيا هو انتشار البدائل التعبيرية عنها باستعمال اللهجات المحلية وغيرها في التخاطب ولغة العمل وعزلها عن احتضان العلوم الحديثة، مثل الطب والرياضيات والهندسة'.
وقد شهد مسار التعريب في موريتانيا على مدى العقود الخمسة الماضية كثيرا من الشد والجذب بين الداعين للتعريب الذين تناهز نسبتهم، حسب تقديراتهم، 75 بالمئة من السكان، بحجة أن اللغة يجب أن تتبع للغالبية السكانية، والرافضين لذلك من قوميات 'زنجية' تعتقد أن إقرار العربية كلغة رسمية يعتبر إقصاء لشريحة واسعة من المجتمع.
وضمن هذا الجدل واصل القوميون العرب في موريتانيا الناشطون ضمن التيارين الناصري والبعثي مشاوراتهم لمناقشة وضعية التيارات القومية العروبية في البلاد.
وكان هؤلاء الناشطون قد التقوا في ندوة تحت عنوان 'التيار القومي في موريتانيا: الواقع والآفاق'.
ودعت الندوة لفتح حوار بين التيار القومي الناصري والبعثي، وفي مرحلة لاحقة ما بين التيار القومي والتيار الإسلامي، وفي مرحلة ثالثة ما بين التيار العروبي والتيار الإفريقي.
وأشارت وثيقة صادرة عن الندوة الى 'أهمية الشعور بالمسؤولية اتجاه المشروع القومي ومعالجة وتحليل أسباب تعثره' في موريتانيا، داعية لمقاومة 'كل التحديات التي يتعرض لها القوميون العرب من تهميش في المؤسسات العامة للدولة ومن استهدافات متكررة لأطروحاتهم الفكرية وتشويه ما قدموه من تضحيات وإنجازات من أجل الحفاظ على الهوية والمكتسبات الحضارية الأخرى والإسهامات الأخرى في الشأن السياسي والاجتماعي'.
ودعت الوثيقة إلى تشكيل مجلس استشاري قومي مهمته 'إعادة طرح القضايا القومية وتحديد أولويات المرحلة وتقييم مختلف التجارب الماضية انطلاقا من خصوصيات الواقع ومتطلباته'.
ودعت الوثيقة إلى تجديد الطبقة السياسية والمحافظة على المكتسبات الحضارية وإلى تجديد الخطاب والابتعاد عن كل ما يخدش في الوطنية والسيادة أو الولاء لغير موريتانيا'.
ودعا المتدخلون في الندوة لتوحيد التيار القومي وتجديد المضامين التي يمكن الاتفاق حولها ومن ذلك مفهوم الهوية والموقف من التعددية الإثنية في موريتانيا وهما الحالتان اللتان خلفتا التباسا داخل الرأي العام الموريتاني.
وشدد المتدخلون على أن 'تكون الثقافة السائدة والطاغية هي الثقافة العربية الإسلامية والتي كانت كذلك قبل دخول الاستعمار لأن اللغة العربية هي لغة الدين والعلم لدى جميع مكونات المجتمع الموريتاني'.
ولم تكن المعارضة الموريتانية غائبة عن هذا الجدل المحتدم حيث أدانت منسقيتها في بيان وزع في هذا الخضم ما وصفته بـ'الطرح الاقصائي والخطاب التقسيمي الذي تعتمده بعض الجهات المتطرفة أيا كانت لأغراض خاصة تضر بمصلحة الوطن وتهدد وحدته'.
وأكدت المنسقية على 'التمسك بالهوية الاسلامية، العربية والافريقية لموريتانيا' محذرة 'من مخاطر سياسة التخبط والارتجال والخطابات الديماغوجية المعتمدة من طرف النظام القائم وحكومته التي لن تؤدي إلا إلى إثارة النعرات العرقية والصراعات السلبية التي لا تنتج إلا القلاقل والأزمات'.
وأكد بيان المنسقية 'أن الجمهورية الإسلامية الموريتانية - كما حدده دستورها- دولة إسلامية عربية إفريقية ثرية بتنوع أعراقها وغنية بتعدد ثقافاتها، وهي بحاجة لكل أبنائها لتجسيد سلمها الاجتماعي وتعايشها الأهلي، إسهاما في تطويرها وتنميتها'.
ودعا البيان 'المجتمع الموريتاني بكافة أطيافه السياسية والفكرية والناشطين في المجتمع المدني وحقوق الإنسان إلى التحرك سريعا من أجل وضع حد لكل ما يمكن أن يمس وحدة البلد وكيانه'.

أرسل إلى خبرية
...تحت تصنيف: