عبده خال يفوز بجائزة بوكر العربية في أول ايام معرض أبو ظبي للكتاب

02 مارس 2010 by: trtr388


الكاتب السعودي عبده خال
الكاتب السعودي عبده خال

أعلن في ابوظبي في مساء اليوم الاول لافتتاح معرض الكتاب عن فوز الكاتب السعودي عبد خال بجائزة بوكرز العربية التي تمنح للمرة الثالثة وقد سبق ان فاز بها قبله كل من الكاتبين المصريين بهاء طاهر ويوسف زيدان ويأتي فوز كاتب سعودي بالجائزة بعد تغيير في مجلس ادارتها واستبعاد عناصر وادخال آخرين عقب أزمة فجرها العام الماضي الكاتب والصحافي رياض نجيب الريس احتجاجا على طريقة ادارة الجائزة ولجان تحكيمها 

 
وقد جرت العادة ان يعلن عن هذه الجائزة كل عام مع افتتاح معرض ابوظبي اما الكاتب الفائز عبده خال فهو من مواليد إحدى قرى جازان (المجنة ) عام 1962حاصل على بكالوريوس في العلوم السياسية جامعة الملك عبد العزيز 1987اشتغل بالصحافة من عام 1982 حاليا يشغل مدير تحرير لجريدة عكاظ السعودية

ويأتي فوز خال عن روايته "ترمي بشرر ..." و قص الكاتب السعودي عبده خال يحمل كما قالت لجنة التحكيم تكملة لعنوان الرواية: ترمي بشرر «كالقصر». قصر بهيج هو جنة جحيمية، ترمي بشررها على جحيم الحارات البائسة في جدة، فيمتد الحكي جسرا بين عالم سيد القصر ومن تحولوا دمى بشرية وعبيداً، من اجتاحهم القصر وسلبهم بحرهم وقوارب نجاتهم. رواية ساخرة فاجعة تصور فظاعة تدمير البيئة وتدمير النفوس بالمتعة المطلقة بالسلطة والمتعة المطلقة بالثراء، وتقدم البوح الملتاع لمن أغوتهم أنوار القصر الفاحشة فاستسلموا إلى عبودية مختارة من النوع الحديث.


وكان هناك من يتوقع فوز "يوم غائم في البر الغربي"، لمحمد المنسي قنديل لكن كواليس العاملين مع اللجنة ولجانها قالت ان بعضهم استكثر ان يفوز بالجائز كتاب مصريون لثلاث سنوات على التوالي


وكان الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي قد افتتح اليوم فعاليات الدورة الـ/ 20 / لمعرض " أبوظبي الدولي للكتاب " الذي يقام تحت رعاية الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

ويشارك في فعاليات المعرض الذي تنظمه شركة " كتاب " في مركز أبوظبي للمعارض وتستمر ستة أيام ../ 823 / دار نشر تمثل / 63 / دولة .
حضر الإفتتاح الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان رئيس هيئة أبوظبي للثقافة والتراث و عبدالرحمن محمد العويس وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع وزكي نسيبة نائب رئيس هيئة أبوظبي للثقافة والتراث محمد خلف المزروعي مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث وجمعة القبيسي مدير المعرض ومدير دار الكتب الوطنية في الهيئة بجانب عدد من المسؤولين في الهيئة وعدد من السفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الدولة إضافة إلى حشد كبير من المثقفين والأدباء ورؤساء دور النشر المشاركة في المعرض وممثلي وسائل الإعلام العربية والأجنبية
وغير "ترمي بشرر" للكاتب الفائز عدة اعمال من اشهر ها رواية فسوق وهي رواية عن مصادمة مع تعنت رجال هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر حينما يأتي اصلاحهم لتهشيم الناس وتحويل حياتهم إلى خراب نفسي واجتماعي من خلال مطاردتهم للناس حين يمارسون حياتهم الطبيعية ويتولد من ذلك نوع من الكسور الاجتماعية والتي تنتج عفنا اجتماعيا يستشري بين البشر ويحول البعض إلى منحرفين أو إرهابين متخذة من الارهاب الحادث في المملكة قماشة خلفية كنتاج لتصرفات الهيئة في خلق هذه النوعية التي تبحث عن السلطة السياسية والاجتماعية .

ثم تمعن في البحث عن التشوهات النفسية نتيجة العزلة وهي تصل إلى الشذوذ النفسي من خلال علاقة حب شاذة تماما ولها محاور كثيرة تبدأ بجملة هربت من قبرها وفي البحث عن

الفتاة الهاربة تسرد تفاصيل انحرافها وماضيها الذي دفعها للعبادة والتنسك بعد القبض عليها من هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لتدخل في تدبير هرب للتخلص من عذاب وحدتها بعد أن تحول حبيبها إلى شيخ ومجاهد في دول افغانستان والعراق.

وتنشأ فلسفة الاجتثاث حينما تتابع من قبل محقق يؤمن بنظرية الاجتثاث، ويتحرك للمطالبة بإحلال هيئة الامر بالمعروف وأنها دولة داخل دولة هي ذات أبعاد اجتماعية ونفسية وأخلاقية.
ولمن لا يعرف اسلوب الخال في ما يلي مقتطفات من رواية "فسوق" أشهر روايات الكاتب الفائز ببوكر العربية للعام الحالي


في زمن الأحلام المرة لا نتذكر إلا الماضي ..


في أول ليلة من دفنها،جلس في صدر المجلس كلوح فصل دراسي سيء الاستواء،فمه فاغر عن آهة ضخمة،انتهت بقضم شفته السفلى متحسرا على فقدانها :


- قتلتني يا جليلة !


حين كان المعزون،والشامتون،والمستفسرون يقفون في مواجهته لا يلمحهم تماما،شخوصا يتحركون خلف ساتر ضبابي في ليل مطير،كتلك الأخيلة التي تتآخى مع السراب فتكتسب صفته .


عيناه زائغتان تحاولان دفع انهمار دمع تحجر منذ تلك الليلة،وتحولت أذناه الى عقربي ساعة مهمتهما الدوران لاجتياز برحة الوقت،غير معنيتان بالتوقف للحظة واحدة لتدبر أقوال وأحداث،غدت مهمتها المقدسة قطع تلك المسافة الدائرية التي لاتنته من رحلتها العبثية .


عقارب الزمن تعود لمواقعها ليس لتدليل على أنها كانت هنا،بل لتسترجع ماحدث في كل موقع على حدة،ملايين من الأحداث تنسخها يوميا على قرص ممغنط سيقرأ يوما ما.!


جلسته تلك تذكر الكبار منهم،بجلسته القديمة،حين التقى القاتل والعاشق تحت فىء تلك السدرة،كل منهما يعرف صاحبه،ومنشغل عنه بتفادى عربة جنون تجتاح جمجمتيهما معا بسرعة وعشوائية .


كان يجلسان سويا،أحدهما يريد اخماد نواح الشجرة،والاخر يبحث عن مغفرة لتخاذله عن اسعاف قلب عشقه،وحين قطع رأس أبو يوسف بقى محسن الوهيب وحيدا يحاول تفادي عربة جنون تحاول اختراق جمجمته من منافذ شتى .


أيقنت أسرته من عطبه المبكر،لم يعد يفعل شيئا سوى المكوث أسفل تلك الشجرة كظل لا يزول ،وترديد الكسرات في هوى تأجج وغدا نارا تذيب أجفانه حسرة على حبيبة لم يقدر على اختطافها من موت عشوائي .


انبرى جسده،وبقيت عظامه مترابطة بعصب نفر من كل جزء في جسده،تعبره الاقدام والعيون كمسمار دق في جذع شجرة ألفت مكانه كما تألف انحناءات شارع تعبره الأقدام يوميا،يتهلهل كأوراق شجر يابس وهش،وقبل أن يتلاشى استجاب ذووه لعابر سبيل أوصاهم أن يتركوه في صحن الكعبة بين حمام الحرم،وأن يغسل في كل يوم بماء زمزم عله يعود لرشده .


لم يكن يجرؤ على الإفصاح لكائن من كان : كيف تركها تموت وهي بين أحضانه،وكلما تذكر كيف دفعها لقاتلها ارتعد كارتعاد إبريق فار حتى ملت منه نار مستعرة ..


بعد سنين طويلة وصف نفسه بالخسة لصديق عمره مالك الدميني،وتدفق كسيل ضل الطريق ومن غير هدى استنجد بزبده كي يعيده لمجراه :


- قتلتني جليلة .


في الليالي المظلمة يخرج للقائها،وفي كل لقاء يعدها أن يطلبها من أخيها، ولم يكن الأخ ليفيق من شروده فقد غرق في خيانة زوجته .


في تلك الليلة قررا ان يذهبا لشيخ الحارة ناثرين عشقهما بين يديه،طالبين منه أن يقودهما للمحكمة أو أن ينضم هذه اللوعة بمعرفته،كان حذرهما أن يقفا على أبواب المحكمة من غير ولي،لذلك اختارا العمدة وقبل أن يكملا قرارهما الأخير لم يحتاطا جيدا من تحرك ضغينة أخيها على زوجته الخائنة،فبكر بالاقتصاص منها ..


نسيا نفسيهما في ليل لم يهتما برحيله،فتنفس الصباح بروحها،خرج عليهما حاملا شفرته التي اجتثت عشرات المخدات في تدريب متواصل لاجتثاث أحشاء امرأة هربت من رائحته مع عشيق لا يعرف لونه أو طعمه،وحين رأى أخته تذوب هياما بعشيق أخر،ضغينته لم تمكنه من اختيار خصمه جيدا،كان مهزوما من الداخل،جذب جديلتها ومرر شفرته على نحرها متهيجا :


- أيتها العاهرة،سأبدأ بك لأصل إليها .


لم يقف العاشق لرؤية عينيها قبل ان تغمض تماما،ولم يقف القاتل لاسترداد شهقة لم تدر باي منهما تمسكان،وتراكضا القاتل والعشيق في الطرقات يبحثان عمن يخفيهما من عينين حملتهما لاخرتها وهي متحيرة أيهما خانها ..


التقى أبو يوسف ومحسن الوهيب تحت ظل شجرة السدر يبحثان عنها،أحدهما يبحث عنها لاستعادتها،والاخر لاخماد شكواها ..


** **


حين سال دم القاتل في ساحة القصاص كان العاشق يسفح دموعه لنضوب صوتها ومغادرته للمكان،فقدها تماما،وتعافت ضمائر أهل الحي من مقتلها،لم يبق من جليلة سوى تقديس مضمر،وخطوات زائرين لشجرة السدر وجدوا عاشقا حبيسا ظلها،يتمتم باسمها كل حين،نحل كقلم حت من كل الجهات،براه العشق تماما،وحين أيقن اهله من عطبه استجابوا لنصيحة عابر سبيل (الذي قيل أنه النبي الخضر ):


- اذهبوا به لمكة ..


أهمل أهله نصيحة العابر سبيل لبعض الوقت،وتركوه أسفل الشجرة عل دعوة تنجيه أو موت يفنيه.


لقبه أهل الحي بالولهان أو العاشق الذي تخلى عن حبيبته في ليلة قتلها،وألفوا سماع قصائده الذابلة الميتة التي لم تقرب تعاطفهم إليه،يجلس صامتا جامدا كصنم لم يرمم بإتقان،يسند ظهره على جذع الشجرة وخيط متقطع من الدمع يغذي وجنتيه،وأذنان جائلتان كعقربي ساعة يمضيان في برحة الوقت غير مكترثتين بكل المقولات التي تسكب بالقرب منه،يجلس ساكنا كريح حبس في رئة ميتة .


رق له قلب عمه،فلام أبيه وأخوته لإهماله،وفي ضحى يوم غائض حمل للحرم وقذف هناك فتعلق بستائر الكعبة لأيام طويلة وعاش مع حمام الحرم،يوميا يجتث شيئا من صدره ويوزعه على أجنحة الحمام الملتف حوله،هذه الحركة المسرحية يؤديها يوميا تحت مزراب الكعبة،داعيا الله أن يطير عشقه من بين جوانحه كالحمام المحلق على بيته وأن يمحو عشقه لجليلة كما يمحو خطايا الطائفيين بحرمه.


ولم يعد من مكة إلا متزوجا ووديعا كحمام الحرم المكي يرف بجناحيه في كل مكان بدعة واستسلام،وانشغل بتكورات بطن زوجته مرارا وكل ثمرة تطرحها لا تأتي له بما يحب،وفي تكور بطنها الاخير كانت طفلته جليلة سلوته التي يردد اسمها كما يردد الأدعية الجالبة للاطمئنان والفرح .


هاهي الادوار تتجسد مرة اخرى،هروب امرأة مع عشيقها ورجل يبحث عنها ليغسل شرفه بالدم ..ربما كان في جلسته الصنمية تلك يفكر بالقصاص العادل،هروب الزوجة كهروب الابنة كلاهما عار يجب التخلص منه بالدم ..قال جملة أفشت شيئا مما هو فيه،هكذا فجأة صرخ :


- ليرحمك الله يا أبا يوسف !!


في اليوم التالي من هربها جلس كمن مسته العدوى،عدوى شبيهة تماما بمرض أبو يوسف حيث كانت عربة الجنون تبحث عن منذ صغير لتخترق جمجمته،يجلس سارحا عن الدنيا يضرب فخذه من غير إرادة مرددا :


- من يوصلني لرقبتها ..


** **


في تلك الليلة فر من صدر فتاة شوق مبرح فخرجت لتوليف عصفورين حبسهما فراق مضني،هي التي فتحت قفص صدرها وأسلمته كل التفاصيل التي كانت تنتظرها مقابل هذا الخروج وقبل أن يطمئنها ويودعها لشيخ الحارة شخب الدم من حنجرتها،وكان أجبن من ان يفديها بروحه .


الحياة تتكرر كاللحن المسروق،جمل لحنية من هنا وهناك تعيد لذاكرة سيرة اللحن الأول،


هاهو يجلس اليوم في غرفته،ونفس الدم يسيل من مخيلته ويتنقل بين جملتين فحين ينكسر يردد ::(قتلتيني ياجليلة)


وإذا طفح الدم من مخيلته يأخذ في الهذيان صارخا :


- ) من يوصلني لرقبتها ).




أرسل إلى خبرية
...تحت تصنيف: