أفلام الجنس... لحظات مسروقة بدوافع غامضة

09 يوليو 2009 by: trtr388



انتشرت في المجتمع المصري والعربي ظواهر جنسية جديدة، تستخدم وسائل الاتصالات الحديثة للانتشار والذيوع، وتأخذ من التكنولوجيا ستاراً لتنفيذ مآربها. فقد ظهرت أخيراً أفلام جنس عربية كثيرة، بعضها تصوير خاص، لكنه وصل إلى العامة إما بالخطأ أو لأغراض التشهير.
شهد عام 2002 الكشف عن قضية أستاذ جراحة اللثة في كلية طب الأسنان الذي كان يهوى استغلال الفتيات جنسيّاً وبيّنت اعترافات الضحايا الأربع قدراته في ابتداع أشكال التعذيب كافة وتسجيله أشرطة فيديو لعمليات الاغتصاب وهتك عرض الفتيات. في العام نفسه تفجّرت قضية رجل الأعمال حسام أبو الفتوح، إذ تم الكشف عن أقراص مدمجة تجمعه جنسياً مع نساء أشهرهن الراقصة دينا، وأن ادعى بعد ذلك أنهن زوجاته.
بدورها، نقلت مجلة «أكتوبر» المصرية، قصة مهندس في الاسكندرية، صوّر ليلة دخلته بكاميرا فيديو خفية من دون علم زوجته، ثم نسخ الشريط ووزعه مقابل مائة جنيه للنسخة. كذلك قبضت الشرطة على طبيب بتهمة تصويره مرضاه في أوضاع مخلة، وتجهيزه غرفة نوم ملحقة بالعيادة لممارسة الجنس مع مريضاته بعد حقنهن بالمخدر، وهي قضية معروفة بـ «طبيب الوراق».
ومنذ شهر تقريباً ظهرت إلى العلن قضية مدرس عاشر 18 فتاة برضاهن. كذلك تم الكشف منذ أيام قليلة عن امرأة تروّج كليباً شخصياً عبر الموبايل بين الشباب في محافظة بورسعيد.
مرض مركّب
يحلل خبير علم النفس أحمد عبد الله هذه الظاهرة، فيقسمها إلى أربع مراحل تبدأ بتصوير الشخص نفسه مع الطرف الآخر وهو يمارس الجنس، ثم تعقبها المرحلة الثانية عندما يشاهد نفسه ليصبح المستهلك الأول لمنتجه الجنسي، وفي المرحلة الثالثة ينشر المريض إنتاجه مستخدماً أساليب تكنولوجية حديثة، ثم تتحقق متعته النهائية بعد انتشار عمله فيبدأ مرحلة الحكاية ورواية تفاصيل الحدث.
وعن تصنيف هذه الظاهرة في أمراض النفس، أكد عبد الله أن هذا الداء يشبه داء حب التعري وإن اختلف عنه، فالمريض في هذه الحالة يستلذ بمتعته من الخجل الذي يعتري ضحيته عندما يكشف عن أعضائه الجنسية، ومريض الفيديو الجنسي يستمد لذة من توزيع سلعته ومشاهدة الناس لها، إلا أن التوصيف الصحيح لهذا المرض أنه يدخل في إطار اضطرابات النفس التكنولوجية المركبة، التي تمزج بين أكثر من مرض وتنتج أمراضاً نفسية جديدة تحتاج إلى مزيد من البحث ودراسة الحالات لتوصيفها بدقة.
ويؤكد عبد الله أن مرض حب الذات يظهر بشدة في مثل هذه الجرائم، ولم يستبعد الدوافع المادية في بعض تلك الحالات، مؤكداً في الوقت ذاته أنها ليست السبب الرئيس، إذ يندرج في هذه الحالة الافتخار بالفحولة.
ويشير عبد الله إلى أن هذه القضايا تكشف عن خلل واضح في قيم المجتمع، فالمدرس كان يرفض إعطاء دروس خصوصية للبنين ويهتم بالفتيات فحسب، ونُقل من مركز عمله مراراً لسوء سلوكه، وعلى رغم ذلك كله لم يمانع الأهل في التعامل معه طالما أنه يحقق التفوق لبناتهم، وكشفت الجريمة نفسها وجهاً آخر من أوجه القصور في المجتمع وانحسار مفاهيم الشرف، فرضيت الفتيات بممارسة الجنس مع المدرس طالما حافظ على عذريتهن.
بدوره، أرجع عالم الاجتماع الدكتور أحمد يحيى وجود هذه الظواهر إلى التغيرات التي يمر بها المجتمع العربي اقتصادياً واجتماعياً، فتـأخر سن الزواج وانتشار البطالة وقلة الدخل مع زيادة متطلبات الحياة عوامل أدت إلى شيوع حالة من اليأس، دفعت البعض من ضعاف النفوس إلى تلبية متطلبات الجسد بشكل مرضي، مستخدماً وسائل الاتصالات الحديثة كالانترنت والمحمول، لتسجيل هذه الأحداث.
ويشير يحيى إلى أن هذه الحالات لم تصل إلى مرحلة الظاهرة بعد، وإن كانت هي نفسها نتيجة لظاهرة أخرى مؤكدة، متمثلة في انتشار أفلام الجنس وسهولة الوصول إليها وتغير مفهوم الدعارة مع انتشار وسائل الاتصالات، فكل ما يحتاج إليه المرء كاميرا «موبايل» ومكان للتصوير. هكذا، تمكن الشباب العربي من إنتاج أفلام ذات تقنيات لا يستهان بها، وغالبية شخصياتها فنانات عربيات وراقصات، أو شباب يقيمون حفلات ماجنة، تصوّر سراً ويستغلها البعض لاحقاً عبر تداولها على الإنترنت.
لكن المصيبة الكبرى، بحسب الدكتور أحمد يحيى، أن تأتي مثل هذه الأفعال من مسؤولين في المجتمع، يُعتبرون قدوة لغيرهم، كالمدرس والطبيب، وهذا مؤشر خطر قد يؤدي إلى انتشار مثل هذه الحالات لتصبح ظاهرة متفشية في المجتمع.
دور المجتمع
تعتقد خبيرة العلاقات النفسيّة فاطمة الشناوي أن من يقوم بتصوير علاقته مع زوجته أو التقاط صور إباحية لشريكة حياته يعاني مشاكل في تركيبته الإنسانية، ويحتاج إلى معالجة نفسية.
وتشدد الشناوي على أن المجتمعات العربية قادرة على التعامل إيجاباً مع وسائل التكنولوجيا، لأن كثيرين يدركون أنها وسيلة وليست غاية، مشيرة إلى أن من يسيء استخدام التكنولوجيا عبر تصوير الفتيات في الأسواق التجارية أو وضع كاميرات سريّة في غرف قياس الملابس، نموذج شاذ بحاجة إلى عقوبات رادعة.
ونوهت الشناوي في حديثها لـ «الجريدة» بضرورة أن تؤدي مختلف وسائل الإعلام العربية دوراً فاعلاً في توعية الأفراد عبر كشف مخاطر مثل هذه الأفعال «الشائنة» وخطرها على تركيبة مجتمعنا الأخلاقية والثقافية، وأيضاً لا ننسى دور مؤسسات المجتمع الأخرى، لا سيما المدارس في زرع القيم الأخلاقية الفاضلة لدى أطفالنا وتوعيتهم وتحذيرهم من ممارسة تلك السلوكيات المنافية لعاداتنا وتقاليدنا الحميدة.
وتتابع د. فاطمة: «حتى في المجتمعات الغربية التي يصفها كثر بالإباحية وينتشر فيها الانحلال هذه التصرفات مرفوضة من الأزواج والشركاء لأنهم يعتبرون العلاقات الجسدية أمراً خاصاً، وأعتقد أنه ستتألّف مستقبلاً جمعيات ومنظمات دولية هدفها الدفاع عن خصوصيات الإنسان».
جريمةيرى المستشار أحمد سعيد عبد الخالق المحامي ورئيس محكمة أمن الدولة العليا سابقاً أن جريمة توزيع أفلام الجنس حتى ولو كانت خاصة بالزوجة، تندرج تحت مسمى جريمة الفعل الفاضح العلني التي تتعلّق بمن يوزّع صوراً مخلة بالآداب أو مجلات جنسية، فالقانون يفرض في هذه الحالة العقوبات المقررة للفعل الفاضح العلني أما إذا اقتصر التصوير على الزوجين من دون عملية التوزيع فلا عقوبة، ويؤيد هذا الرأي المستشار جميل قلدس رئيس محكمة الاستئناف سابقاً.
أما دكتور حسام لطفي، أستاذ ورئيس القسم المدني بحقوق بني سويف، فيقول: «كقاعدة عامة، يرفض القانون العلانية في أي فعل فاضح ولا يجوز تصوير الزوج زوجته خلال العلاقة الحميمة إلا بموافقتها كتابياً، وحتى بعد الموافقة لا يجوز طرح الشرائط في الأسواق وإلا تكون العقوبة الحبس والغرامة.


أرسل إلى خبرية
...تحت تصنيف: