داعية مغربي: التصوف يمهد طريق المد الشيعي

05 سبتمبر 2009 by: trtr388


يتميز المشهد الصوفي المغربي حاليا بتنوع الطرق والزوايا التي تمتد على طول التراب المغربي، من الشمال إلى الجنوب، ومن أشهرها، الطريقة الكتانية، والعلوية، والبوتشيشية والريسونية والبوعزاوية، وغيرها. وجذبت هذه الطرق الانتباه أكثر في السنوات الأخيرة بعد ان أبدت الدولة اهتماما زائدا بها، خاصة أنها ترتبط بكل مناحي الحياة اليومية للمجتمع بمختلف أشكالها. وبدأت المعالم الأولى للطرق الصوفية تتشكل في العهد الموحدي ليكتمل هذا التشكل مع أبي عبد الله محمد بن سليمان الجزولي، الذي يعتبر مؤسس أول طريقة صوفية في المغرب جراء التحولات التي طرأت على بنية المجتمع. ومع أن الحركة الصوفية اهتمت بالتزكية وتجديد الإيمان في القلوب باستقلال كامل عن السلطة، فإن علاقاتها بهذه الأخيرة لم تكن أبدا مشوبة بالخلاف أو المواجهة.
ويرى مراقبون أن الدولة تستعمل الطرق الصوفية كدواء لعلاج "الغلو والتطرف"، الذي يتبناه المتشددون في المملكة. كما تتفق الزوايا الصوفية بالمغرب على ضرورة "الشيخ" في السلوك إلى الله تعالى.
غير أن هذا الاتفاق يثير الكثير من التحفظات من طرف منتقدي الصوفية، لأن هناك مبالغات غير مقبولة في النظر للشيخ، والاعتماد عليه في الزاد الإيماني والمراقبة والمشارطة.
وفي هذا الإطار قال الداعية الشيخ عبد الباري الزمزمي، رئيس "جمعية البحوث والدراسات في النوازل الفقهية"، ومن أبرز علماء المنهج الوسطي في المغرب العربي، إنه "يجب التفريق بين التصوف كمذهب في الإسلام وبين ما أدخل عليه من شعوذة وسلوكات غير صحيحة".
وأوضح الزمزمي، في تصريح لـ "إيلاف"، أن "الدولة المغربية تشجع التصوف على هلاته، ومنها الضرائح والمواسم، وهذه كلها مظاهر غير شرعية"، مشيرا إلى أن "تشجيع التصوف هو في الوقت نفسه تشجيع ضمني للتشيع. إذ أن بعض الطرق أخذت من الشيعة بعض المبادئ كتقدير الشيخ وغيرها من الأمور. إن هذا يمهد الطريق أما التشيع ويسهل على الناس تقبله".
وشدد عالم الدين المغربي على ضرورة "محاربة مظاهر الشعوذة، والتأييد للتصوف السليم والصحيح الذي يركز على تهذيب الإنسان".
وأوضح عبد الباري الزمزمي أن "المد الشيعي يهدد المذهب المالكي أكثر من الموجة السلفية، لأن تزمت هذه الأخيرة وغلوها يجعل انتشارها محددوا".
هذا و تسير رؤية الباحثبن في الاتجاه نفسه، إذ أكد محمد ضريف، الأستاذ المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، أن "السلطة المغربية تسعى للحفاظ على الوحدة الدينية للمملكة، ومن مقوماتها الحفاظ على المذهب المالكي، وبالتالي لن تكون هناك رغبة في تشجيع التيار الشيعي".
ويبرز محمد ضريف، في تصريح لـ "إيلاف" التخوفات المطروحة التي تتمثل في كون أن "التصوف إلى حد ما يساعد على انتشار المد الشيعي"، مشيرا إلى أن "التصوف في عمقه هو دعوة لحب آل البيت".
وأضاف الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية "هناك تخوفات من تجذر المذهب الشيعي، مستغلا سياسة الدولة في المجال الديني، التي تدعم التصوف".
يشار إلى أن التصوف في بلاد المغرب الأقصى مر بمرحلتين. مرحلة التبعية، إذ تم إدخال التصوف ابتداء من القرن الحادي عشر الميلادي من قِبل حجاج الأماكن المقدسة، ومن الصعب الحديث في هذه الفترة عن تصوف "مغربي"، لكون أهم الصوفية المغاربة، أمثال أبي يعزى يلنور، وابن عربي، وعلي بن حرزهم، كانت صوفيتهم شرقية قلبا وقالبا. ومرحلة "مغربة" التصوف التي دشنها عبد السلام بن مشيش، فبرغم أنه درس على يد أئمة الصوفية التابعين، كأبي مدين الغوث وعلي بن حرزهم، فإنه لم يسلك مسلكهم، بل سعى إلى التميز عنهم، وقد أكمل تلميذه أبو الحسن الشاذلي مرحلة "مغربة" التصوف لتصل ذروتها مع محمد بن سليمان الجزولي.


أرسل إلى خبرية
...تحت تصنيف: