حرب بين صحيفتين تُجدد صراع "المعرّبين" والفرانكوفونيين بالجزائر

26 ديسمبر 2009 by: trtr388



الحرب الإعلامية التي اندلعت الأسبوع المنقضي بين صحيفة "الشروق اليومي" الناطقة بالعربية وصحيفة "الوطن" الناطقة بالفرنسية أعاد الصراع التقليدي بين "المعربين" وبين منتسبي التيار الفرانكوفوني في الجزائر إلى الواجهة، وهو صراع عمره بعمر استقلال الجزائر لا يتراجع ضجيجه حتى يعود كلما سنحت الفرصة بذلك.


ويتحدث المراقبون عن تراجع ملحوظ لعدد الفرانكوفونيين في الجزائر، وهناك من يذهب إلى القول بأنهم ينحصرون في الفئة العمرية التي تتجاوز 40 سنة فما فوق، وأن الذين يحسنون الكلام والكتابة باللغة الفرنسية في المجتمع الجزائري لا تتعدى نسبتهم حدود 5%.


حرب "لغوية"


فبعد هدوء نسبي امتد لخمس سنوات على الأقل عادت أسطوانة "حروب المعربين والفرانكوفونيين" لتصنع الحدث، من خلال مقالات "شتيمة" متبادلة نشرتها صحيفتا "الوطن" و"الشروق اليومي" والبداية كانت بنشر صحيفة "الوطن" لمقال تكشف فيه "هشاشة" جريدة "الشروق" من الناحية المالية واتهمتها بعدم تسديد ديون المطابع الحكومية.


وردت صحيفة "الشروق" بمقال تتهم فيه صحيفة "الوطن" بممارسة الوصاية الفكرية على الجزائريين، وقالت الشروق إن أحد أفضالها هو تعريب قراء جريدة "الوطن" الناطقة بالفرنسية.




صراع نخبوي


وبرأي متابعين للشأن الجزائري، فإن الخلاف بين اللغتين العربية والفرنسية وليد الحقبة الاستعمارية وهو خلاف بين النخب في الجزائر ولا يوجد له امتداد في الشارع.


وهو ما يذهب إليه فيصل ميطاوي رئيس التحرير السابق لصحيفة "الوطن" في حديثه لـ"العربية.نت"، حيث يرى أن "الصراع محصور حاليا بين النخب، فهناك نخبة متمسكة بالفرانكوفونية وحتى الفرانكوفيلية ( التعلق بالفرنسية لغة وفكرا)، وهناك نخبة معربة بعضها متسمك برفض الانفتاح على اللغات الأخرى خاصة الفرنسية".


ويضيف ميطاوي "في اعتقادي تغذية الصراع بين المعربين والمفرنسين يخدم السلطة الحاكمة في الجزائر، فقد حاولت التفريق بينهما منذ الاستقلال حتى يكون صراع بين النخب ومن ثمة يسهل التحكم فيها".




"العربية" الجزائرية


وعن السؤال الكبير الذي يخص مشكلة اللسان الجزائري الهجين، يرى فيصل ميطاوي أن ذلك "نتاج تواجد استعماري طويل الأمد في شمال إفريقيا بما فيها الجزائر، حيث تعرض الشماليون لحملات غزو واستعمار، وكانت النتيجة فيما يتعلق بلغة الخطاب اليومي هي خليط من البربرية والتركية والإسبانية والفرنسية والعربية"، وهو ما أصبح يطلق عليه لاحقا "العربية" الجزائرية.


وكانت مسألة الانتماء الإقليمي أحد محاور الصراع بين تيار متمسك بالانتماء العربي، وآخر يؤكد على أولوية الانتماء الإفريقي، وثالث يشدد على الانتماء المتوسطي بما يحمله من تبعية للغرب، ورابع لا يرى الجزائر إلا في عالمها الإسلامي.




انحسار الفرنسية في المجتمع


أما د. أحمد عظيمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، فيرى أن "الجغرافيا اللغوية في الجزائر تغيرت كثيرا في العقدين الماضيين، وعدد المفرنسين تناقص كثيرا وهو محصور في الفئة العمرية التي يفوق سنها 40 سنة".


ويؤكد عظيمي بناء على إحصائيات وبحوث جامعية فإن "من يحسنون الكلام والكتابة باللغة الفرنسية لا يمثلون سوى 5% من المجتمع الجزائري، وأن الفرنسية تنحسر بشكل واضح في كل المستويات بالجزائر، وهي ما تزال فقط عند بعض النخب في المدن الكبرى بينما بدأ الشارع يميل تدريجيا للغة الإنجليزية بعد اللغة العربية".




لماذا توقف قطار التعريب؟


ومن المعروف أن مسيرة التعريب بدأت في الجزائر عام 1967 بعد صراع كبير بين دعاة التعريب والمتمسكين باللغة الفرنسية كلغة استعمال أولى في الإدارة ومختلف مصالح الدولة خوفًا من فقدان مناصبهم لصالح المعربين، لذلك استغلت أوساط سياسية معارضة الظرف لشن حملات التشكيك في قدرة اللغة العربية على استيعاب مفردات العلوم الحديثة، وبرزت بشكل جـلي بعض المظاهر الاجتماعية الساخرة من الدارسين باللغة العربية.


ولبس دعاة التعريب عباءة التيار الإسلامي في الوقت الذي لبس دعاة الفرنسية عباءة التيار العلماني، ودخلت المدرسة الجزائرية بعد إقرار التعددية الحزبية حلبة الصراع بين المعربين والفرانكوفونيين، حيث انتشرت ظاهرة الانتماءات الحزبية في الأوساط المدرسية، وانعكست القناعات الحزبية للمعلمين والأساتذة على أدائهم التربوي.




العربية

أرسل إلى خبرية
...تحت تصنيف: