الجزائريات يقتحمن ملاعب كرة القدم

10 مارس 2010 by: trtr388






شهد ملعب 5 جويلية بالجزائر العاصمة في 3 مارس نزوح الآلاف من النساء الجزائريات إلى الملعب، ظاهرة لم يعرفها المجتمع الجزائري وهي الأولى منذ استقلاله.ورغم طابع المقابلة الودي الذي جمع الجزائر بصربيا، إلا أن الحماس والإثارة كانا حاضرين على مدرجات لم تألف مداعبة أجساد الجنس اللطيف. 


هل تريد الجزائريات زعزعة عرش الرجال في مملكة طالما ظلت حكرا عليهم، هل أبطال "ملحمة أم درمان" زرعوا الوطنية والغيرة بقلوب الجزائريات فصارت مناصرتهم من "الواجبات الوطنية" حتى دخول الأماكن المحرمة اجتماعيا "الملاعب"، وهل تخلى الرجل الجزائري عن "رجولته" و"عصبيته" وصار يقبل بالنساء في آخر مكان يبيح فيه لنفسه الشتم والصراخ والكلام القبيح؟.

جيش يضم أكثر من 4000 امرأة يغزو ملعب 5 جويلية 
الموعد كان بالنسبة للكثيرات منهن "واجب وطني"، كن أكثر من 4000 امرأة، جئن من مختلف ولايات الوطن حتى تلك البعيدة منها، على وقع أهازيج "وان تو ثري فيفا لالجيري" التي صرن يحفظنها عن ظهر قلب، بقين ساعات طويلة يزاحمن الرجال في الطوابير العريضة التي تكونت ساعات قبل بداية المقابلة، حاملات العلم الوطني ووجوههن مطلية بألوانه، واحدة بالخمار، والأخرى بالحجاب والأخرى بقميص زياني وبوقرة... صور لم يعرفها المجتمع الجزائري أبدا من قبل وبثها التلفزيون الجزائري طيلة ساعات.
وبشأن هذا الإقبال الواسع للنساء الجزائريات إلى ملعب 5 جويلية الأولمبي، تقول أمينة – شابة جامعية بمعهد المحاسبة بالعاصمة الجزائرية "دفعت 1200 دينار جزائري – 12 يورو - في السوق السوداء لأنه لم تبق تذاكر للبيع، كنت مستعدة لدفع الضعف من أجل حضور المقابلة، ورغم سوء التنظيم الذي طبع المباراة، وتعرضنا للشتم من قبل إخواننا الرجال، الذين قالوا بأننا لم نكن فال خير على الخضر، إلا أننا أظهرنا بأننا قادرات على الوقوف بجانب الفريق الوطني، فكما وقفت المرأة بالأمس مع الرجل في الثورة التحريرية وبعدها في بناء الجزائر المستقلة، جاء اليوم دورنا لنقف معا من أجل كرة القدم، في البداية سيكون من الصعب على الرجل الجزائري تحمل الأمر، لأنه سيمس بكبريائه ورجولته، لكنه سيتعود على ذلك شيئا فشيئا، ويجب علينا أن نتمسك بهذا الحق".

ضخامة الحدث الرياضي والوطنية الممسوسة 
ولعل عوامل عديدة ساهمت في نشوء الظاهرة يقول الكاتب والصحفي الرياضي الجزائري مصطفى بن فضيل " كنا نعتقد لوقت طويل بأن النساء وكرة القدم كلمتين لا يمكن لهما الانسجام معا، مقارنة بعاملين أساسيين وهما ممارسة النساء لكرة القدم – التي هي شبه معدومة بالجزائر، والثانية استهلاك النساء لـ"كرة القدم" كثقافة رياضية، وهي الأخرى شبه مستحيلة بدليل غيابهن عن الملاعب خلال البطولات الوطنية، الشيء الذي تغير هذا العام، هو الفريق الوطني طبعة 2009 -2010 وبصيغة أخرى أبطال "ملحمة أم درمان" الذين اقتلعوا تأشيرة تأهلهم لكأس العالم على حساب "فراعنة" أهانوهم و استهزئوا بقدراتهم، فالأمر متعلق إذا بضخامة الحدث الرياضي، ممزوجا بخليط من الوطنية والكبرياء والشرف ...، فالجزائريات حضرن المقابلة كمواطنات غيورات على وطنهن أكثر مما كن رياضيات مولعات بكرة القدم".

النساء ممنوعات اجتماعيا من الدخول للملاعب
ولعل النساء الجزائريات لم تكن وحدهن اللواتي شاهدن الحدث بـ"عيون كبيرة" فالسلطات الجزائرية - ممثلة في وزارة الشباب والرياضة والفدرالية الجزائرية لكرة القدم – هي الأخرى كانت في مستوى الحدث الرياضي حيث ولأول مرة خصصت مدرجات خاصة بملعب 5 جويلية للعائلات والنساء لتمكينهن من معايشته في أحسن الظروف والأجواء، يقول المختص في علم الاجتماع الأستاذ الجزائري ناصر جابي "كرة القدم رياضة رجولية، كما أن المرأة اجتماعيا ممنوعة من الدخول لملاعب كرة القدم، فالمطلب غير شرعي بالنسبة لها - على عكس جيرانينا المغاربة و التونسيين الذين تنتشر الظاهرة عندهم بكثرة ومنذ سنوات عدة، والأمر ليس متعلقا بدرجة غنى وتطور المجتمع بقدر ما هو مرتبط بمدى تمسكه بعاداته وتقاليده وثقافة المدينة التي يتمتع بها، ولعل السبب الذي نقل هذه الحمى إلى الجزائريات هو قرار السلطات الجزائرية تخصيص فضاء خاص لهن في الملاعب، فهذا حفزها على تخطي عقدة المجتمع ومحرماته، وحتى وإن كانت المرة الأولى لم تنجح مئة في المائة وشهدت سوء تنظيم إلا أنها ستمهد الطريق للنساء لكسب حرية أكبر في المجتمع الجزائري "الذكوري"، وفي مقاسمة أماكنه العامة التي ظل الكثير منها محرما عليها، فالذهنيات الجزائرية سوف تتعود شيئا فشيئا على رؤية النساء في ملاعب كرة القدم".

عندما يعطي الرجال رخصة الدخول إلى الملاعب للنساء
وعن هذا المجتمع الذكوري يضيف مدير الشباب والرياضة على مستوى ولاية عين الدفلى – في الغرب الجزائري - السيد بوزيدي " الظاهرة جديدة ولم يعهدها المجتمع الجزائري، وإن كانت النساء الجزائريات قد بدأن تهتمن بكرة القدم وبأبطالها ومقابلاتها، فإن ذلك لأن الرجال قد خففوا من سيطرتهم ومراقبتهم وقسوتهم، وأعطوهن "رخصة مرور"، بحكم تقاليد المجتمع وأحكامه، ولعل دخول النساء إلى مدرجات الملاعب سيعطي لمسة رقيقة من الأنوثة، خاصة مع ارتفاع نسبة العنف في الملاعب الجزائرية، فنحن في مرحلة تغير في ذهنيات الرجال، فصاروا يتقبلون فكرة رؤية النساء في عالم كرة القدم وعلى مدرجات الملاعب، وليس فقط في مجالات التربية والطب...". 

معركة كروية نسوية على الفايسبوك والانترنت
ريمة سغيلاني - إحدى المناصرات الجزائريات الناشطات على الفايسبوك

ولم تكن معركة النساء الجزائريات على ملعب 5 جويلية يوم المقابلة فقط ف"النضال الكروي"كان حاضرا منذ أشهر عدة على الشبكة الالكترونية وصفحات الفايسبوك، التي شهدت ارتفاعا ملحوظا وملموسا في عدد متصفحيها وزوارها من الجنس اللطيف منذ أن بدأ رفقاء منصوري يخطون مسارهم شيئا فشيئا نحو المونديال، ريما سغيلاني – مهندسة معمارية بباريس - وواحدة من الجزائريات الرياضيات اللواتي ينشطن بجدية على الفايسبوك ومواقع الانترنت "هنالك الآلاف من الشابات الجزائريات اللواتي ينشطن على الانترنت، وبالخصوص على موقعي "100 آلف معجب للفريق الوطني قبل كأس العالم" و "الفريق الوطني الجزائري"، فكل واحدة منهن تحاول إثراء الموقعين بآخر أخبار الفريق وتنقلاته ، حتى أن الكثيرات منهن صرن "يحترفن" مهنة الصحافة في كيفية تقفيهن للمعلومات وتقديمها للآخرين، وإن لم يساعف الحظ الكثيرات في حضور المقابلة بالملعب إلا أنهن عازمات على المضي قدما في تشجيع الفريق الوطني وتتبع خطواته حيثما كان، بدليل أنني أخذت عطلتي السنوية في شهر يونيو/حزيران لأتمكن من معايشة مقابلاته في الجزائر والخروج للشوارع للاحتفال اذا فاز وحتى في حال انهزامه"


أرسل إلى خبرية
...تحت تصنيف: