الملك محمد السادس لم يكن يرغب فى المُلك

29 أبريل 2009 by: trtr388


نزل إلى المكتبات الإسبانية هذه الأيام كتاب جديد من
تأليف الصحافي فيران ساليس مراسل صحيفة "الباييس" السابق بالرباط بعنوان "محمد
السادس، الأمير الذي لم يرغب في أن يصبح ملكا".


يرسم الكتاب شخصية مغايرة للملك محمد السادس، ويتزامن صدوره مع الذكرى العاشرة لجلوسه على العرش. يحمل الكتاب افكارا مثيرة منها عدم رغبة محمد السادس في الحكم وممارسة المُلك بسبب عوامل شخصية ونفسية، وتفكير والده في التنازل عن العرش عندما حاصره المرض.وفيران ساليس صحافي مخضرم تجاوز الستين من عمره وهو من أبرز الصحافيين الأجانب الذين عملوا في المغرب.ملك لا يرغب في المُلكهذا هو العنوان الجانبي الذي تمكن إضافته إلى كتاب فيران ساليس الصادر عن دار النشر كاتاراتا طالما أن الشخصية الرئيسية في كتابه "محمد السادس، الأمير الذي لم يرغب في أن يصبح ملكا" قد أصبح ملكا.يبدأ ساليس الكتاب بالمقابلة الصحافية التي أجراها مع محمد السادس عندما كان وليا للعهد، ونشرت يوم 11 أيار/مايو 1997، مبرزا أن المقابلة كانت تدخل ضمن استراتيجية الملك الراحل الحسن الثاني لتقديم ولي عهده إلى الرأي العام الدولي.لا يتباهى ساليس كثيرا بإجراء تلك المقابلة لأن مستشاري الملك، وفي هذه الحالة، أندري أزولاي تحكموا في الأسئلة والأجوبة.وجاء في الكتاب تعليقا على المقابلة: "ولي العهد أجاب على الأسئلة بشكل ميكانيكي.. الجمل التي كان ينطق بها الأمير تدل على أنها مكتوبة لكي تقرأ".ويضيف ساليس "كنا الواحد مقابل الآخر نقوم بالدور المنوط بنا، وكان هناك خطأ واحد ارتكبه ولي العهد عندما قال أن حل مشكلة الصحراء الغربية يجب أن يتم عبر استشارة ديمقراطية (وهذا يعني استفتاء تقرير المصير حسب ما يفهم من المصطلح). لكن هذا الجواب المفاجئ حذفه مستشارو القصر بعد مراجعة الحوار".في هذا الفصل "البحث عن الأمير المتغيب"، يركز صاحب الكتاب على فكرة مفادها أن الأمير وقتها لم يكن يرغب نهائيا في الحكم، كان يبتعد عن قضايا الدولة ولا يريد أن يرسم لنفسه صورة مستقلة.الحسن الثاني والعرش ويورد الكتاب تفاصيل عن ملف شائك في أواسط التسعينات هو احتمال تنازل الملك الحسن الثاني عن العرش لولي العهد. ويبرز ساليس أن الحسن الثاني، بعدما شاع مرضه وبعدما صدر كتابه "مذكرات ملك"، اعتقد الكثيرون في الغرب أنه يرغب في التنازل عن العرش حتى يعطي الفرصة لوريثه ليحكم قبل أن يشيخ، وكان يستذكر مثال ملكة بريطانيا إلزابيث الثانية التي شاخت في العرش وابنها تشارلز الذي هرم وشاخ ولم يصبح بعد ملكا. ويؤكد الكاتب أن الإشكال تجلى وقتها في أن الحسن الثاني لم يحسم في من سيصبح وريثه الحقيقي لأن الفصل العشرين من الدستور يخوله تعيين من يريد وليس بالضرورة الابن الأكبر سنا. وفي الصفحة 67 يوضح ساليس أن الملك حسم، في آخر المطاف، في مسألة وراثة العرش لصالح ولي عهده واستبعد الأميرين مولاي رشيد (شقيق محمد السادس) وابن عمهما مولاي هشام. ويقول ساليس مفصلا في هذا الباب ان "وراء كل أمير اصطفت شرائح من المجتمع المغربي والدولي"، بمعنى أن كل أمير كان يتمتع بأنصار على المستوى الوطني والدولي لكي يصبح ملكا. وحول هذه النقطة يبرز الكتاب أن الحسن الثاني كان يلمح لولي العهد وقتها أنه قد يعين أحد الأميرين خليفة للملك، مما تسبب في جروح لم تندمل حتى الوقت الراهن وسط العائلة الملكية.الوجه الجديد للملكية هذا عنوان أحد الفصول الرئيسية في الكتاب (ص 123-143) ويعالج فيه ساليس كيف أراد الملك محمد السادس أن يقدم صورة مغايرة للملكية عن تلك التي كانت سائدة في عهد أبيه الحسن الثاني. ويذكر أن الملك الجديد راهن على عاملين، الأول زواجه من فتاة من عامة الشعب، الأمر الذي أكسبه الكثير من التعاطف وجعل للاّ سلمى تضفي على الملكية صورة جديدة إيجابية. والعامل الثاني كان يتجلى في إيجاد فريق جديد من المستشارين والمساعدين.ويحصي الكتاب هؤلاء المستشارين واحدا واحدا، كُلاًّ مع المهمة التي يتولاها، مثل حسن أوريد وتوليه منصب الناطق باسم الحكومة، وتولي منير الماجدي الملفات المالية للملك حتى أصبح أحد الذين يتحكمون في القرارات. ويعتبر أن فؤاد عالي الهمة كان يرشحه الجميع لخلافة وزير الداخلية السابق إدريس البصري وفي الصفحة 140 يكتب أنه من ضمن مهام عالي الهمة إعادة هيكلة الأجهزة الاستخباراتية وتنظيم العلاقات مع الاسلاميين وملف الصحراء.أما المهة "الخاصة" التي يقول الكاتب انها أوكلت لعالي العمة، فكانت "التخلص من مولاي هشام".. إبعاد من يسمى "الأمير الأحمر" عن القصر.الملك الغائبكان هذا عنوان الفصل الأكثر إثارة (ص:211-220)، ويتطرق الى غياب الملك عن الحياة السياسية وسفرياته الخاصة الى الخارج التي قال المؤلف انها تقلق الطبقة السياسية وتأخذ باهتمام الشعب المغربي والصحافة والمدونين على شبكة الإنترنت.ويتساءل الكاتب في الختام: هل هذه السفريات لعبة من الملك الشاب لتهيئة الغياب الكبير، أو يريد أن يتخلص من وزارات السيادة لتفويت الصلاحيات للبرلمان والحكومة ويتحول بذلك إلى رمز؟ في إشارة الى ملكية تسود ولا تحكم.



المصدر : القدس العربية

أرسل إلى خبرية
...تحت تصنيف: