القرضاوى فى حور ..عن احوال مصر
21 يناير 2010 by: trtr388دعا الدكتور يوسف القرضاوى رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين د.محمد بديع المرشد الثامن لجماعة الإخوان المسلمين أن يكون مرشدا لكل الإخوان، وطالبه بالاستعانة بمحمد حبيب النائب الأول السابق للجماعة وعبدالمنعم أبوالفتوح عضو مكتب الإرشاد الذين «أبعدا» فى انتخابات الجماعة الأخيرة.
ونصح القرضاوى فى حوار مع «الشروق» جمال مبارك نجل الرئيس والأمين العام المساعد للحزب الوطنى بأن يعلن انسحابه من معركة الرئاسة المقبلة، فحسبه 30 عاما قضاها فى بيت الرئاسة على حد تعبيره.
ورأى القرضاوى أن مصر تعيش فى كابوس لن تتخلص منه ولن تستعيد دورها ومكانتها التى فقدتها خلال العقود الأخيرة إلا بالديمقراطية الحقيقية، وبفتح نوافذ الحرية.
وطالب الشيخ النخب السياسية والثقافية بأن تضغط لتعديل الدستور حتى يسمح بفتح الباب أمام جميع المصريين بالترشح فى انتخابات الرئاسة المقبلة.
كيف ترى أزمة جماعة الإخوان المسلمين الأخيرة؟
أظن أن الأزمة انتهت بانتخاب الإخوان لمرشد جديد، وأفضل عدم الحديث فى هذا الموضوع، ولا أريد أن أتدخل فى قضية الإخوان بعد انتخاب المرشد.
وما الرسالة التى تريد أن توجهها إلى د.محمد بديع مرشد الجماعة الثامن؟
أريده أن يكون مرشدا لكل الإخوان بكل اتجاهاتهم وأن تكون مهمته هى حماية رأية الإصلاح والتجديد، وألا يكون أسيرا لفكر واحد أو مدرسة واحدة.
وما النصيحة التى توجهها له بشان طبيعة علاقته مع الدولة والنظام؟
كلام المرشد يوم السبت الماضى كان معقولا ومتوازنا ومقبولا، فعليه أن يستمر فى ذلك الخط إلا إذا جاء ما يقتضى التغيير.
وكيف يتغلب على الأزمة التى أعقبت «استبعاد» د.محمد حبيب ود. عبدالمنعم أبوالفتوح؟
لابد أن يستعين بأبوالفتوح وحبيب إلى جانب عصام العريان وبكل الإخوة جميعا.
هل توجد نية لديك لزيارة مكتب الإرشاد قريبا؟
محتمل لكن المكتب بعيد وهم يريدون هذه الزيارة، لكنهم لا يعلمون أنى فى مصر.
دعنا ننتقل إلى ملف آخر مادمت تفضل عدم الخوض فى قضية أزمة انتخابات الإخوان.. تحدث البعض عن جواز توجيه فوائد البنوك للتبرع بها لأطفال غزة فهل هذا جائز فعلا؟
جائز ويجب إن وجدت فوائد بنوك أن تصرف فى المصالح الإسلامية، وعلى الفقراء وأوجه الخير، وأولى الجهات التى يجب أن توجه إليها هم إخواننا اللاجئون والفلسطينيون فى غزة لأنهم مشردون يستحقون الزكاة، فهم فقراء ومساكين وأبناء سبيل، كما أنهم فى سبيل الله ويجوز أيضا أن تنفق الأموال المحرمة عليهم، فبعض السلف يقول «ارميها البحر»، وهذا لا يجوز لأن ذلك إضاعة للأموال على المسلمين فلا يجوز أن نتلفها ولا ننتفع بها لأنفسنا، خاصة أن بعض أثرياء الخليج أودع فى بنوك أوروبا وأمريكا مئات الملايين وفوائدها بعشرات الملايين فكيف نترك ذلك، فهذه الأموال يجب أن تعطى للجهات المستحقة وأولهم أهل غزة والناس المحاصرون والمجوعون.
وهل يمكن أن تدخل عوائد العمليات المشبوهة كالمخدرات وغيرها ضمن هذه التبرعات فى حال توبة من يقومون بهذه التجارة؟
جائز بشرط أن تكون نية صاحبها هو التطهر منها، علما بأنه لن يكون له ثواب الصدقة لأن المال الحرام لا يملك، والصدقة تكون عما يملكه الإنسان، لكنه له ثواب من جهة أخرى حيث إنه تعفف أن يدخلها جيبه أو بيته، فساعد فى إيصالها لهذه الجهات كى ينتفع بها.
قضية غزة تتفاقم وتتصاعد يوما بعد يوم.. فهل يرجع ذلك إلى ضعف الحكام أم للشعوب، أم لانقسامات الفصائل الفلسطينية؟
كل هذه الجهات لها دخل فى هذا الموقف الذى نراه، فضعف الحكام وعدم استطاعتهم أن يقولوا «لا» للأمريكان ولإسرائيل سبب، كما أن للشعوب أيضا دورا، فشعوبنا استنامت من كثرة ما نالها من آثار الاستبداد الطويل والحكم العسكرى.
لكن الشعوب خرجت وأعلنت موقفها فى مظاهرات ومسيرات جابت الشوارع العربية والإسلامية ألا ينم ذلك عن شىء؟
ينم عن نوع من الحركة بدلا من النوم المطلق ويبشر بأن الشعوب بدأت تتحرك وتقول «لا»، ومازلنا نأمل خيرا أن تتحول هذه الاستفاقات الجزئية إلى شىء عام يرفض هذه الأوضاع ويحاول تغييرها ويجبر الحكام على التغيير، لأنه مهما كانت ملاحظتنا على الحكام فهم إفراز الشعوب، وهذا ما جعل بعض السلف يقول «كما تكونوا يولى عليكم» فلابد أن يكون الشعب عنده قابلية ورغبة فى التغيير، كما يقول المفكر الجزائرى مالك بن نبى «الذى جعل الاستعمار يستأسد ويحتل بلاد المسلمين هو قابلية هذه الشعوب للاستعمار»، وأيضا اختلافات الفلسطينيون مع بعضهم البعض أصبح وضعا غير مقبول، فهم دائما يعتبون على لأننى أقول إن الفلسطينيين مختلفون ويقولون أنى أساوى بين الظالم والمظلوم وبين المعتدى والمعتدى عليه، لكنى أقول إن الكل يجب عليه أن يعمل على وحدة الصف واستعلاء ما أصاب إخوانه، والقرآن لم يمتدح الذل إلا فى موضوعين ذل الإنسان لأبويه وذل الإنسان لإخوانه فهذا مطلوب من إخواننا الفلسطينيين عليهم إن يعملوا بكل ما يستطيعوا على لم الشمل وجمع الصف وتوحيد الكلمة والوقوف صفا أمام العدو.
وهل من المنتظر أن يحدث هذا فى ظل التباين الكبير بين الفصائل الفلسطينية؟
للأسف هناك مدرستان مختلفتان فى الفكر فهناك من يرى بوجوب التفاوض مع إسرائيل، لأنه لا معنى ولا جدوى من المقاومة، ويرى أن السبيل الوحيد لنيل الحقوق هو التفاوض ولا شىء غير التفاوض، وهناك من يرى أن المقاومة هى الأساس وهذا صحيح فإسرائيل لا تعطى لمن يريد أن توهب إليه الحرية، والذين صاروا فى طريق التفاوض من مدريد إلى اليوم لم يحصلوا على شىء فالقضايا الكبرى علقت لتناقش فى النهاية غير المنظورة كقضية القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود.. إذا ما الذى يسعون إلى حله فهذه القضايا شىء أساسى وبدونها لن يحصلوا على شىء.
إذا كيف ترى المخرج والحل لهذه التعقيدات؟
لابد أن يكون لنا موقف نحن العرب والمسلمين فى نصرة الحق ورفض الباطل، لكن أن يظل موقفنا مائعا هذا لا يصلح كما يجب أن نقول للمخطئ أنت مخطئ وعليك تغيير طريقتك.
كيف يتخذ العرب والمسلمون هذا الموقف وحكوماتهم لا تستطيع أن تقول لا لأمريكا وإسرائيل بحسب قولك؟
الشعوب عليها أن ترفض هذا الوضع ولابد أن ندعمها ونقوى من مظاهراتها والعمل على تجميعها بحيث تضغط على الحكام والفلسطينيين لتغيير موقفهم.
هل تركيا بدأت فى سحب البساط من مصر بشأن دورها فى المنطقة العربية؟
هذا هو الواضح، فمواقف تركيا القوية الحقيقية ظهرت بقوة فى المرحلة الأخيرة، فكما قالت بعض التقارير أن رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركى ومعه هوجو شافيز رئيس فنزويلا وبعض الشخصيات العالمية، سيذهبون على رأس قافلة إغاثة إلى غزة هذا موقف غير مسبوق، وقبل ذلك كانت لهم مواقف عديدة مشرفه ضد إسرائيل كانسحاب أردوغان من بعض المؤتمرات بسبب إسرائيل، وفى أيام محنة غزة العام الماضى شكلنا وفدا من علماء المسلمين وزرنا بعض البلاد منها تركيا التى استقبلتنا وكان لها موقفها مشرف وفى غاية الوضوح.
فى المقابل كيف تقيم الدور المصرى؟
سأقيم لك دور مصر من خلال نفس الموقف السابق.. حينما شكلنا وفد علماء المسلمين السابق الإشارة إليه اقترحنا زيارة عدة دول ذات صلة بالقضية الفلسطينية ومنها السعودية والأردن ومصر وسوريا وتركيا وقطر، كل البلاد سمحت لنا بالدخول لعرض القضية، لكن للأسف مصر وبدون أى سبب معلن قالت لنا «نأسف لا نستطيع استقبالكم»، وكان موقف غير مفهوم.
إلى أى حد وصل الدور المصرى؟
وصل إلى حد بناء جدار لتجويع أهل غزة وتمويتهم.
انتقد البعض فتواك بشأن الجدار العازل واعتبروها سياسية.. وطالبوا بفصل الفتوى عن السياسية فما تعليقك؟
عليهم أن يقولوا ذلك للأزهر فالعالم إذا سئل فى أى موضوع عن حكم الشرع فيه فعليه أن يفتى بما يراه فبإجماع المذاهب والفرق المختلفة أن الشريعة تطبق على جميع أفعال المكلفين فلا يخرج فعل من المكلفين سواء كان صاحبه حاكما أو محكوما فقيرا أو غنيا رجلا أو امرأة إلا ورأى الشرع مستحب أو غير مستحب فلا يوجد بالشرع ما يسمى بأن السياسة بعيدة عن الدين.. ولماذا تلجا الدولة لاستفتاء علماء الدين لاستشارتهم فى أمور بعينها عند الحاجة كما حدث بقضية زرع الأعضاء وختان الإناث، السادات قال لا سياسة فى الدين مع ذلك كان يدخل السياسة فى الدين ودعاه البعض أمير المؤمنين.
وفيما يخص الجدار فالأمر لا يحتاج إلى الرجوع لمتخصصين، فقد قال لى الشيخ معز عبدالستار وهو من كبار العلماء «المسالة لا تحتاج إلى فقهاء فهى بديهية فهل يجوز للإنسان أن يحاصر إخوانه حتى يموتوا جوعا».
الحكومة المصرية قالت إن الجدار دفاع وحماية لأمن مصر القومى؟
هذا خطأ يكرس القطرية ولا تقوم به عروبة ولا إسلام، لقد حاول البعض أن يروج لشعار «مصر أولا» فرد عليهم أبوخلدون ساطع الحصرى المفكر السورى وأحد مؤسسى الفكر القومى العربى بعدة مقالات، وقال «العروبة أولا فهم، فدعاة تمصير مصر لا يعرفون أنها ليس لها أى اعتبار وحدها»، فلا يمكن أن تأمن مصر وغزة غير آمنة، والحكم الشرعى يقول فى ذلك «إن احتل بلد على أهله أن يقاوموا ويقاتلوا العدو فإذا قدورا فبها وإن لم يقدروا فعلى جيرانها الأقرب فالأقرب حتى يشمل المسلمين جميعا، والأقرب لغزة هى مصر، ويجب ألا ننسى أن مصر كانت تحكم غزة لسنوات، وكانت جزءا منها فالأمر بديهى.
وزير الأوقاف الفلسطينى طالبكم بالاعتذار لأبومازن فما ردكم على ذلك؟
هذا يدل أن أبومازن ليس رجلا حكيما فقد نسب إليه أنه طالب إسرائيل بضرب غزة حتى يتخلص من حماس وعندما قال له بعض الفتحويين عندما تضرب غزة سيكون هناك ضحايا من العامة والناس البريئة، فرد قائلا: «يستاهلوا لأنهم هم من انتخبوا حماس»، وعندما سمعت هذا الكلام قلت إذا كان أبومازن قال ذلك حقا فلا يكفى إعدامه ولابد من أن يرجم، وكلامى هذا ليس بفتوى، كما أنه معلق على صحة ما نسب إليه، ولا يجوز أن يزج وزير الأوقاف الفلسطينى الخطباء وأئمة المساجد فى مثل هذا الأمر ويطالبهم بالرد على ويرد عليهم المصلون فتتحول إلى فتنة.
هل وقعت مصر تحت ضغوط أمريكية فيما يخص بناء الجدار؟
أمريكا لا تستطيع أن تفرض شيئا على أى دولة إذا لم يكن لدى هذا البلد قابلية للاستجابة، ويمكن أن تستجيب لضغوط فى مقابل تمرير كذا أو غض الطرف عن كذا أو تأييد كذا، بمعنى «شيلنى واشيلك».
هل من ضمن كذا وكذا مشاكل الأقباط فى مصر؟
لا.
إذا ما هو الـ«الكذا» الذى دفع مصر إلى الاستجابة لضغط أمريكا؟
والله ممكن يكون التوريث مثلا.
أى الجدار مقابل التوريث؟
لا أستطيع أن أقطع بذلك فأنا أضرب أمثلة بأنه يمكن أن يحدث هذا، أما عن مشاكل الأقباط فهى ليست موجودة إلا فى أذهان بعض الناس، أظن أنه ليست هناك مشكلة بين المسلمين والأقباط فمنزلى يطل على كنيسة وأتابع نشاطهم من الصباح إلى المساء ولدى العديد من الأصدقاء الأقباط كجورج إسحق ورفيق حبيب، وفى لبنان مشيل اده نائبى فى مؤسسة القدس والدكتور بشارة وعطاالله حنا فى القدس أيضا، والأب أنطوان، وغيرهم الكثير فى سوريا والعديد من الدول العربية، وبعضهم يقولون لى إننا نتابع برنامج الشريعة والحياة ولا نضيع حلقة.. والوقع أن هناك تهويلا من البعض، وهناك من يتعمد الإساءة للعلاقة بين المسلمين والأقباط، فحادث نجع حمادى حادث فردى قام به رجل لا متدين ولا أى شىء.
لكن على مدار الثلاثين عاما الماضية شهدت مصر العديد من أحداث التوتر الطائفى فما تحليلك لذلك؟
عندما تحلل هذه المسألة نجد أن الثأر هو السبب الرئيسى، فمعظم هذه الأحداث تحدث فى الصعيد والسبب الأكبر هو الثأر.
هناك رأى يقول إن صعوبة بناء الكنائس وعدم تولى الأقباط لمناصب معينة يشعرهم بحالة غبن تجاه الدولة؟
كيف يكون هناك مع وجود محافظ قبطى وثلاثة وزراء.. لقد زرت إيران منذ 13 سنة أيام ولاية خاتمى وتحدثت مع المسئولين هناك عن مشكلة المسلمين السنة، وطالبتهم بأن يعطوا لهم حقوقهم، وضربت لهم مثلا بالأقباط فى مصر، وهم أقل من السنة فى إيران بكثير، وقلت لهم إن من الأقباط وزراء ونواب، والكنائس موجودة، وأحب أن ألفت النظر إلى أن حاجة الأقباط للكنائس ليست كحاجة المسلمين إلى المساجد التى من المفترض أن يزورها المسلمون 5 مرات يوميا لأداء الصلاة بينما يحتاج الأقباط إلى زيارة الكنائس يوما واحدا فى الأسبوع ومع ذلك يوجد عدد كبير من الكنائس.
هناك من يحمل الدولة مسئولية الأحداث الطائفية وآخرون يحملون بعض الجماعات الإسلامية، وهناك من يحمل الكنيسة.. فى رأيك على أى جهة تقع مسئولية التوتر الطائفى؟
كل منها مسئول بقدر ما، فلا تستطيع أن تحمل الدولة أو الكنيسة أو الجماعات الإسلامية كل شىء، فعلى مستوى الجماعات الإسلامية هناك جماعات متسامحة بطبيعتها مثل جماعة الإخوان المسلمين منذ أيام حسن البنا والعلاقة بالكنيسة جيدة، والمسلمون معروفون بتسامحهم فالتسامح فضيلة إسلامية ومفروض على المسلم أن يتعامل بتسامح فقد قال تعالى «لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ»، وهناك وصايا خاصة بأقباط مصر فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا بأن نبرهم ونصل أرحامهم فإن لنا فيهم نسبا وصهرا، كما أن الأزهر كانت له صلة بالأقباط جيدة.
وماذا عن دور الكنيسة؟
أوقات تأخذ الكنيسة دور الانكماش والتخويف والتهويل، مثلها فى ذلك مثل دول الغرب التى تخشى من ظاهرة أطلقوا عليها «الإسلاموفوبيا» وهذا لا أصل له.
كنت مدعوا بإحدى المحاضرات بدار الحكمة حول المشروع الحضارى الإسلامى وكان من المفترض أن يشاركنى الحوار الراحل د.إسماعيل صبرى عبدالله القطب اليسارى المعروف، لكنه تغيب عن الحضور فتحملت وحدى الحديث عن اليسار الإسلامى وفى نهاية المحاضرة قام جورج إسحق وطرح على سؤالا خاصا بدور الأقباط فى المشروع الحضارى الإسلامى فقلت له «دورهم كدور المسلمين فمطلوب منهم أن يساهموا فى البناء الحضارى وهم إخوة للمسلمين»، وشرحت القضية وبعد أن صفق الناس جاء جورج بعد المحاضرة، وقال لى «ليتك يا شيخ تزور الكنائس وتقول لهم هذا الكلام لأنه هناك خوفا من الإسلام وسوء فهم يهيئ للبعض أنه لو انتصر الإسلام سيبيدهم، فهذه مفاهيم تقال لهم وتعبئهم ويساعد على هذا بعض المسلمين والمشايخ الذين لا يفهمون الدين.
ما النصيحة التى توجهها لجمال مبارك.. فقد سبق ونصحت والده بألا يمدد لنفسه أو يورث ابنه؟
أقول له أن يكون واحدا من المصريين، وإذا كان لابد من أن يرشح نفسه للرئاسة، فعليه أن يكون كباقى المصريين، ولا يعتبر المسألة مفروغا منها وأن أباه رئيس جمهورية فيجب بالتبعية أن يبقى رئيسا للجمهورية، فهى ليست وراثة، فلابد أن يختاره الشعب بحرية وشفافية.
فنحن نريد أن يختار الشعب رئيسا بكل حرية وبملء إرادته ولو مرة، وأنا لو من جمال أنسحب وأريح نفسى، فعمر بن الخطاب رضى الله عنه عندما قالوا له رشح عبدالله ابنك للخلافة قال: (بحسب آل الخطاب أن يحمل المسئولية منهم واحد، وودت أن أخرج منها كفافا لا على ولا لى)، فكيف للرئيس مبارك أن يحمل نفسه المسئولية ويحمل أولاده من بعده؟!»،وعلى أولاده لن يقولوا لقد أخذنا نصيبنا ثلاثين عاما، فعلينا أن نعطى لغيرنا فسحة، وإذا كانت مغنما فقد حصلنا على المغانم، أما إذا كانت مرغما فحسبنا ما تحملناه.
هل نفهم من كلامك أنك مع حق جمال مبارك فى الترشح كواحد من المصريين فى ظل الأوضاع الدستورية المقيدة لغيره من الترشح؟
لا.. بالطبع أن أولا أدعو الجميع أن يركزوا جهودهم على تعديل الدستور حتى تحذف المواد المقيدة والمانعة والتى تقف حاجزا وعقبة أمام الكثير من المصريين الراغبين فى الترشح فمصر ولادة وبها من الكفاءات والخبرات الكثير، لذلك يجب أن تكون هناك حملة عامة تشمل الجميع الأحزاب والنخب والجماعات ورجال الأزهر والكنيسة والجميع، للمطالبة بضرورة تعديل الدستور حتى يعطى فرصة متساوية للجميع من أجل الترشيح للرئاسة وإلا معنى ذلك إننا نضحك على أنفسنا.
بعض المراقبين يرون أن مكانة مصر تراجعت على جميع المستويات داخليا وخارجيا فكيف تستعيد مصر مكانتها مرة أخرى؟
لن تستعيد مصر مكانتها وعافيتها ودورها إلا بفتح نوافذ الحرية، واستخراج الطاقات الكامنة والمكبوتة، فكيف لا تجد مصر أحدا مناسبا عندما تبحث عن رئيسا لها فهل عدمت القدرات والمواهب بمصر، فالكبت لا يجعل أى شخصية تظهر فلابد أن تفتح الأبواب على مصراعيها وتظهر الشخصيات وتتنافس، فالديمقراطية الحقيقية هى الحل وليست المزيفة.
هل تظن أن النظام الحالى بمصر سيفتح النوافذ؟
النظام الحالى لن يسمح بذلك بل سيسمح بوجود أفراد يلعبون دور الديكور ليكون شكلا للديمقراطية، لكن النتيجة معروفة من الأول، فالنظام سيسمح لبعض الناس بالاتفاق معهم على الترشح.
ما البديل؟
لابد من الضغط الشعبى حتى يستطيع الشعب أن يقول لا وبقوة ولابد أن يشعر الشعب المصرى بأن الحرية والإرادة السياسية الوطنية أهم من المأكل والملبس، العرب قديما قالوا: «جوع كلبك يتبعك»، وللأسف هناك من ينظر إلى الشعوب على أنها كلاب تتبعهم فيجوعونها لتظل تحتاج إلى لقمة يمدون أيديهم بها إليهم.
هل نجحوا في سياسة التجويع؟
نعم نجحوا فلابد من توعية الشعب عن طريق الإعلاميين والتربويين وكل من لديه فكر وحكمة فالمثقفون عليهم ألا يعيشوا لأنفسهم.
كيف تنظر لمصر الآن؟
ربنا يأخذ بأيد مصر ويخلصها من الكابوس، فمصر قوة لها ثقلها بالمنطقة إلى جانب تركيا وإيران.
ما البلد التى ترتاح فيه؟
مصر البلد الوحيدة التى أرتاح فيها وأحب أن أستقر به.
الشروق
ونصح القرضاوى فى حوار مع «الشروق» جمال مبارك نجل الرئيس والأمين العام المساعد للحزب الوطنى بأن يعلن انسحابه من معركة الرئاسة المقبلة، فحسبه 30 عاما قضاها فى بيت الرئاسة على حد تعبيره.
ورأى القرضاوى أن مصر تعيش فى كابوس لن تتخلص منه ولن تستعيد دورها ومكانتها التى فقدتها خلال العقود الأخيرة إلا بالديمقراطية الحقيقية، وبفتح نوافذ الحرية.
وطالب الشيخ النخب السياسية والثقافية بأن تضغط لتعديل الدستور حتى يسمح بفتح الباب أمام جميع المصريين بالترشح فى انتخابات الرئاسة المقبلة.
كيف ترى أزمة جماعة الإخوان المسلمين الأخيرة؟
أظن أن الأزمة انتهت بانتخاب الإخوان لمرشد جديد، وأفضل عدم الحديث فى هذا الموضوع، ولا أريد أن أتدخل فى قضية الإخوان بعد انتخاب المرشد.
وما الرسالة التى تريد أن توجهها إلى د.محمد بديع مرشد الجماعة الثامن؟
أريده أن يكون مرشدا لكل الإخوان بكل اتجاهاتهم وأن تكون مهمته هى حماية رأية الإصلاح والتجديد، وألا يكون أسيرا لفكر واحد أو مدرسة واحدة.
وما النصيحة التى توجهها له بشان طبيعة علاقته مع الدولة والنظام؟
كلام المرشد يوم السبت الماضى كان معقولا ومتوازنا ومقبولا، فعليه أن يستمر فى ذلك الخط إلا إذا جاء ما يقتضى التغيير.
وكيف يتغلب على الأزمة التى أعقبت «استبعاد» د.محمد حبيب ود. عبدالمنعم أبوالفتوح؟
لابد أن يستعين بأبوالفتوح وحبيب إلى جانب عصام العريان وبكل الإخوة جميعا.
هل توجد نية لديك لزيارة مكتب الإرشاد قريبا؟
محتمل لكن المكتب بعيد وهم يريدون هذه الزيارة، لكنهم لا يعلمون أنى فى مصر.
دعنا ننتقل إلى ملف آخر مادمت تفضل عدم الخوض فى قضية أزمة انتخابات الإخوان.. تحدث البعض عن جواز توجيه فوائد البنوك للتبرع بها لأطفال غزة فهل هذا جائز فعلا؟
جائز ويجب إن وجدت فوائد بنوك أن تصرف فى المصالح الإسلامية، وعلى الفقراء وأوجه الخير، وأولى الجهات التى يجب أن توجه إليها هم إخواننا اللاجئون والفلسطينيون فى غزة لأنهم مشردون يستحقون الزكاة، فهم فقراء ومساكين وأبناء سبيل، كما أنهم فى سبيل الله ويجوز أيضا أن تنفق الأموال المحرمة عليهم، فبعض السلف يقول «ارميها البحر»، وهذا لا يجوز لأن ذلك إضاعة للأموال على المسلمين فلا يجوز أن نتلفها ولا ننتفع بها لأنفسنا، خاصة أن بعض أثرياء الخليج أودع فى بنوك أوروبا وأمريكا مئات الملايين وفوائدها بعشرات الملايين فكيف نترك ذلك، فهذه الأموال يجب أن تعطى للجهات المستحقة وأولهم أهل غزة والناس المحاصرون والمجوعون.
وهل يمكن أن تدخل عوائد العمليات المشبوهة كالمخدرات وغيرها ضمن هذه التبرعات فى حال توبة من يقومون بهذه التجارة؟
جائز بشرط أن تكون نية صاحبها هو التطهر منها، علما بأنه لن يكون له ثواب الصدقة لأن المال الحرام لا يملك، والصدقة تكون عما يملكه الإنسان، لكنه له ثواب من جهة أخرى حيث إنه تعفف أن يدخلها جيبه أو بيته، فساعد فى إيصالها لهذه الجهات كى ينتفع بها.
قضية غزة تتفاقم وتتصاعد يوما بعد يوم.. فهل يرجع ذلك إلى ضعف الحكام أم للشعوب، أم لانقسامات الفصائل الفلسطينية؟
كل هذه الجهات لها دخل فى هذا الموقف الذى نراه، فضعف الحكام وعدم استطاعتهم أن يقولوا «لا» للأمريكان ولإسرائيل سبب، كما أن للشعوب أيضا دورا، فشعوبنا استنامت من كثرة ما نالها من آثار الاستبداد الطويل والحكم العسكرى.
لكن الشعوب خرجت وأعلنت موقفها فى مظاهرات ومسيرات جابت الشوارع العربية والإسلامية ألا ينم ذلك عن شىء؟
ينم عن نوع من الحركة بدلا من النوم المطلق ويبشر بأن الشعوب بدأت تتحرك وتقول «لا»، ومازلنا نأمل خيرا أن تتحول هذه الاستفاقات الجزئية إلى شىء عام يرفض هذه الأوضاع ويحاول تغييرها ويجبر الحكام على التغيير، لأنه مهما كانت ملاحظتنا على الحكام فهم إفراز الشعوب، وهذا ما جعل بعض السلف يقول «كما تكونوا يولى عليكم» فلابد أن يكون الشعب عنده قابلية ورغبة فى التغيير، كما يقول المفكر الجزائرى مالك بن نبى «الذى جعل الاستعمار يستأسد ويحتل بلاد المسلمين هو قابلية هذه الشعوب للاستعمار»، وأيضا اختلافات الفلسطينيون مع بعضهم البعض أصبح وضعا غير مقبول، فهم دائما يعتبون على لأننى أقول إن الفلسطينيين مختلفون ويقولون أنى أساوى بين الظالم والمظلوم وبين المعتدى والمعتدى عليه، لكنى أقول إن الكل يجب عليه أن يعمل على وحدة الصف واستعلاء ما أصاب إخوانه، والقرآن لم يمتدح الذل إلا فى موضوعين ذل الإنسان لأبويه وذل الإنسان لإخوانه فهذا مطلوب من إخواننا الفلسطينيين عليهم إن يعملوا بكل ما يستطيعوا على لم الشمل وجمع الصف وتوحيد الكلمة والوقوف صفا أمام العدو.
وهل من المنتظر أن يحدث هذا فى ظل التباين الكبير بين الفصائل الفلسطينية؟
للأسف هناك مدرستان مختلفتان فى الفكر فهناك من يرى بوجوب التفاوض مع إسرائيل، لأنه لا معنى ولا جدوى من المقاومة، ويرى أن السبيل الوحيد لنيل الحقوق هو التفاوض ولا شىء غير التفاوض، وهناك من يرى أن المقاومة هى الأساس وهذا صحيح فإسرائيل لا تعطى لمن يريد أن توهب إليه الحرية، والذين صاروا فى طريق التفاوض من مدريد إلى اليوم لم يحصلوا على شىء فالقضايا الكبرى علقت لتناقش فى النهاية غير المنظورة كقضية القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود.. إذا ما الذى يسعون إلى حله فهذه القضايا شىء أساسى وبدونها لن يحصلوا على شىء.
إذا كيف ترى المخرج والحل لهذه التعقيدات؟
لابد أن يكون لنا موقف نحن العرب والمسلمين فى نصرة الحق ورفض الباطل، لكن أن يظل موقفنا مائعا هذا لا يصلح كما يجب أن نقول للمخطئ أنت مخطئ وعليك تغيير طريقتك.
كيف يتخذ العرب والمسلمون هذا الموقف وحكوماتهم لا تستطيع أن تقول لا لأمريكا وإسرائيل بحسب قولك؟
الشعوب عليها أن ترفض هذا الوضع ولابد أن ندعمها ونقوى من مظاهراتها والعمل على تجميعها بحيث تضغط على الحكام والفلسطينيين لتغيير موقفهم.
هل تركيا بدأت فى سحب البساط من مصر بشأن دورها فى المنطقة العربية؟
هذا هو الواضح، فمواقف تركيا القوية الحقيقية ظهرت بقوة فى المرحلة الأخيرة، فكما قالت بعض التقارير أن رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركى ومعه هوجو شافيز رئيس فنزويلا وبعض الشخصيات العالمية، سيذهبون على رأس قافلة إغاثة إلى غزة هذا موقف غير مسبوق، وقبل ذلك كانت لهم مواقف عديدة مشرفه ضد إسرائيل كانسحاب أردوغان من بعض المؤتمرات بسبب إسرائيل، وفى أيام محنة غزة العام الماضى شكلنا وفدا من علماء المسلمين وزرنا بعض البلاد منها تركيا التى استقبلتنا وكان لها موقفها مشرف وفى غاية الوضوح.
فى المقابل كيف تقيم الدور المصرى؟
سأقيم لك دور مصر من خلال نفس الموقف السابق.. حينما شكلنا وفد علماء المسلمين السابق الإشارة إليه اقترحنا زيارة عدة دول ذات صلة بالقضية الفلسطينية ومنها السعودية والأردن ومصر وسوريا وتركيا وقطر، كل البلاد سمحت لنا بالدخول لعرض القضية، لكن للأسف مصر وبدون أى سبب معلن قالت لنا «نأسف لا نستطيع استقبالكم»، وكان موقف غير مفهوم.
إلى أى حد وصل الدور المصرى؟
وصل إلى حد بناء جدار لتجويع أهل غزة وتمويتهم.
انتقد البعض فتواك بشأن الجدار العازل واعتبروها سياسية.. وطالبوا بفصل الفتوى عن السياسية فما تعليقك؟
عليهم أن يقولوا ذلك للأزهر فالعالم إذا سئل فى أى موضوع عن حكم الشرع فيه فعليه أن يفتى بما يراه فبإجماع المذاهب والفرق المختلفة أن الشريعة تطبق على جميع أفعال المكلفين فلا يخرج فعل من المكلفين سواء كان صاحبه حاكما أو محكوما فقيرا أو غنيا رجلا أو امرأة إلا ورأى الشرع مستحب أو غير مستحب فلا يوجد بالشرع ما يسمى بأن السياسة بعيدة عن الدين.. ولماذا تلجا الدولة لاستفتاء علماء الدين لاستشارتهم فى أمور بعينها عند الحاجة كما حدث بقضية زرع الأعضاء وختان الإناث، السادات قال لا سياسة فى الدين مع ذلك كان يدخل السياسة فى الدين ودعاه البعض أمير المؤمنين.
وفيما يخص الجدار فالأمر لا يحتاج إلى الرجوع لمتخصصين، فقد قال لى الشيخ معز عبدالستار وهو من كبار العلماء «المسالة لا تحتاج إلى فقهاء فهى بديهية فهل يجوز للإنسان أن يحاصر إخوانه حتى يموتوا جوعا».
الحكومة المصرية قالت إن الجدار دفاع وحماية لأمن مصر القومى؟
هذا خطأ يكرس القطرية ولا تقوم به عروبة ولا إسلام، لقد حاول البعض أن يروج لشعار «مصر أولا» فرد عليهم أبوخلدون ساطع الحصرى المفكر السورى وأحد مؤسسى الفكر القومى العربى بعدة مقالات، وقال «العروبة أولا فهم، فدعاة تمصير مصر لا يعرفون أنها ليس لها أى اعتبار وحدها»، فلا يمكن أن تأمن مصر وغزة غير آمنة، والحكم الشرعى يقول فى ذلك «إن احتل بلد على أهله أن يقاوموا ويقاتلوا العدو فإذا قدورا فبها وإن لم يقدروا فعلى جيرانها الأقرب فالأقرب حتى يشمل المسلمين جميعا، والأقرب لغزة هى مصر، ويجب ألا ننسى أن مصر كانت تحكم غزة لسنوات، وكانت جزءا منها فالأمر بديهى.
وزير الأوقاف الفلسطينى طالبكم بالاعتذار لأبومازن فما ردكم على ذلك؟
هذا يدل أن أبومازن ليس رجلا حكيما فقد نسب إليه أنه طالب إسرائيل بضرب غزة حتى يتخلص من حماس وعندما قال له بعض الفتحويين عندما تضرب غزة سيكون هناك ضحايا من العامة والناس البريئة، فرد قائلا: «يستاهلوا لأنهم هم من انتخبوا حماس»، وعندما سمعت هذا الكلام قلت إذا كان أبومازن قال ذلك حقا فلا يكفى إعدامه ولابد من أن يرجم، وكلامى هذا ليس بفتوى، كما أنه معلق على صحة ما نسب إليه، ولا يجوز أن يزج وزير الأوقاف الفلسطينى الخطباء وأئمة المساجد فى مثل هذا الأمر ويطالبهم بالرد على ويرد عليهم المصلون فتتحول إلى فتنة.
هل وقعت مصر تحت ضغوط أمريكية فيما يخص بناء الجدار؟
أمريكا لا تستطيع أن تفرض شيئا على أى دولة إذا لم يكن لدى هذا البلد قابلية للاستجابة، ويمكن أن تستجيب لضغوط فى مقابل تمرير كذا أو غض الطرف عن كذا أو تأييد كذا، بمعنى «شيلنى واشيلك».
هل من ضمن كذا وكذا مشاكل الأقباط فى مصر؟
لا.
إذا ما هو الـ«الكذا» الذى دفع مصر إلى الاستجابة لضغط أمريكا؟
والله ممكن يكون التوريث مثلا.
أى الجدار مقابل التوريث؟
لا أستطيع أن أقطع بذلك فأنا أضرب أمثلة بأنه يمكن أن يحدث هذا، أما عن مشاكل الأقباط فهى ليست موجودة إلا فى أذهان بعض الناس، أظن أنه ليست هناك مشكلة بين المسلمين والأقباط فمنزلى يطل على كنيسة وأتابع نشاطهم من الصباح إلى المساء ولدى العديد من الأصدقاء الأقباط كجورج إسحق ورفيق حبيب، وفى لبنان مشيل اده نائبى فى مؤسسة القدس والدكتور بشارة وعطاالله حنا فى القدس أيضا، والأب أنطوان، وغيرهم الكثير فى سوريا والعديد من الدول العربية، وبعضهم يقولون لى إننا نتابع برنامج الشريعة والحياة ولا نضيع حلقة.. والوقع أن هناك تهويلا من البعض، وهناك من يتعمد الإساءة للعلاقة بين المسلمين والأقباط، فحادث نجع حمادى حادث فردى قام به رجل لا متدين ولا أى شىء.
لكن على مدار الثلاثين عاما الماضية شهدت مصر العديد من أحداث التوتر الطائفى فما تحليلك لذلك؟
عندما تحلل هذه المسألة نجد أن الثأر هو السبب الرئيسى، فمعظم هذه الأحداث تحدث فى الصعيد والسبب الأكبر هو الثأر.
هناك رأى يقول إن صعوبة بناء الكنائس وعدم تولى الأقباط لمناصب معينة يشعرهم بحالة غبن تجاه الدولة؟
كيف يكون هناك مع وجود محافظ قبطى وثلاثة وزراء.. لقد زرت إيران منذ 13 سنة أيام ولاية خاتمى وتحدثت مع المسئولين هناك عن مشكلة المسلمين السنة، وطالبتهم بأن يعطوا لهم حقوقهم، وضربت لهم مثلا بالأقباط فى مصر، وهم أقل من السنة فى إيران بكثير، وقلت لهم إن من الأقباط وزراء ونواب، والكنائس موجودة، وأحب أن ألفت النظر إلى أن حاجة الأقباط للكنائس ليست كحاجة المسلمين إلى المساجد التى من المفترض أن يزورها المسلمون 5 مرات يوميا لأداء الصلاة بينما يحتاج الأقباط إلى زيارة الكنائس يوما واحدا فى الأسبوع ومع ذلك يوجد عدد كبير من الكنائس.
هناك من يحمل الدولة مسئولية الأحداث الطائفية وآخرون يحملون بعض الجماعات الإسلامية، وهناك من يحمل الكنيسة.. فى رأيك على أى جهة تقع مسئولية التوتر الطائفى؟
كل منها مسئول بقدر ما، فلا تستطيع أن تحمل الدولة أو الكنيسة أو الجماعات الإسلامية كل شىء، فعلى مستوى الجماعات الإسلامية هناك جماعات متسامحة بطبيعتها مثل جماعة الإخوان المسلمين منذ أيام حسن البنا والعلاقة بالكنيسة جيدة، والمسلمون معروفون بتسامحهم فالتسامح فضيلة إسلامية ومفروض على المسلم أن يتعامل بتسامح فقد قال تعالى «لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ»، وهناك وصايا خاصة بأقباط مصر فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا بأن نبرهم ونصل أرحامهم فإن لنا فيهم نسبا وصهرا، كما أن الأزهر كانت له صلة بالأقباط جيدة.
وماذا عن دور الكنيسة؟
أوقات تأخذ الكنيسة دور الانكماش والتخويف والتهويل، مثلها فى ذلك مثل دول الغرب التى تخشى من ظاهرة أطلقوا عليها «الإسلاموفوبيا» وهذا لا أصل له.
كنت مدعوا بإحدى المحاضرات بدار الحكمة حول المشروع الحضارى الإسلامى وكان من المفترض أن يشاركنى الحوار الراحل د.إسماعيل صبرى عبدالله القطب اليسارى المعروف، لكنه تغيب عن الحضور فتحملت وحدى الحديث عن اليسار الإسلامى وفى نهاية المحاضرة قام جورج إسحق وطرح على سؤالا خاصا بدور الأقباط فى المشروع الحضارى الإسلامى فقلت له «دورهم كدور المسلمين فمطلوب منهم أن يساهموا فى البناء الحضارى وهم إخوة للمسلمين»، وشرحت القضية وبعد أن صفق الناس جاء جورج بعد المحاضرة، وقال لى «ليتك يا شيخ تزور الكنائس وتقول لهم هذا الكلام لأنه هناك خوفا من الإسلام وسوء فهم يهيئ للبعض أنه لو انتصر الإسلام سيبيدهم، فهذه مفاهيم تقال لهم وتعبئهم ويساعد على هذا بعض المسلمين والمشايخ الذين لا يفهمون الدين.
ما النصيحة التى توجهها لجمال مبارك.. فقد سبق ونصحت والده بألا يمدد لنفسه أو يورث ابنه؟
أقول له أن يكون واحدا من المصريين، وإذا كان لابد من أن يرشح نفسه للرئاسة، فعليه أن يكون كباقى المصريين، ولا يعتبر المسألة مفروغا منها وأن أباه رئيس جمهورية فيجب بالتبعية أن يبقى رئيسا للجمهورية، فهى ليست وراثة، فلابد أن يختاره الشعب بحرية وشفافية.
فنحن نريد أن يختار الشعب رئيسا بكل حرية وبملء إرادته ولو مرة، وأنا لو من جمال أنسحب وأريح نفسى، فعمر بن الخطاب رضى الله عنه عندما قالوا له رشح عبدالله ابنك للخلافة قال: (بحسب آل الخطاب أن يحمل المسئولية منهم واحد، وودت أن أخرج منها كفافا لا على ولا لى)، فكيف للرئيس مبارك أن يحمل نفسه المسئولية ويحمل أولاده من بعده؟!»،وعلى أولاده لن يقولوا لقد أخذنا نصيبنا ثلاثين عاما، فعلينا أن نعطى لغيرنا فسحة، وإذا كانت مغنما فقد حصلنا على المغانم، أما إذا كانت مرغما فحسبنا ما تحملناه.
هل نفهم من كلامك أنك مع حق جمال مبارك فى الترشح كواحد من المصريين فى ظل الأوضاع الدستورية المقيدة لغيره من الترشح؟
لا.. بالطبع أن أولا أدعو الجميع أن يركزوا جهودهم على تعديل الدستور حتى تحذف المواد المقيدة والمانعة والتى تقف حاجزا وعقبة أمام الكثير من المصريين الراغبين فى الترشح فمصر ولادة وبها من الكفاءات والخبرات الكثير، لذلك يجب أن تكون هناك حملة عامة تشمل الجميع الأحزاب والنخب والجماعات ورجال الأزهر والكنيسة والجميع، للمطالبة بضرورة تعديل الدستور حتى يعطى فرصة متساوية للجميع من أجل الترشيح للرئاسة وإلا معنى ذلك إننا نضحك على أنفسنا.
بعض المراقبين يرون أن مكانة مصر تراجعت على جميع المستويات داخليا وخارجيا فكيف تستعيد مصر مكانتها مرة أخرى؟
لن تستعيد مصر مكانتها وعافيتها ودورها إلا بفتح نوافذ الحرية، واستخراج الطاقات الكامنة والمكبوتة، فكيف لا تجد مصر أحدا مناسبا عندما تبحث عن رئيسا لها فهل عدمت القدرات والمواهب بمصر، فالكبت لا يجعل أى شخصية تظهر فلابد أن تفتح الأبواب على مصراعيها وتظهر الشخصيات وتتنافس، فالديمقراطية الحقيقية هى الحل وليست المزيفة.
هل تظن أن النظام الحالى بمصر سيفتح النوافذ؟
النظام الحالى لن يسمح بذلك بل سيسمح بوجود أفراد يلعبون دور الديكور ليكون شكلا للديمقراطية، لكن النتيجة معروفة من الأول، فالنظام سيسمح لبعض الناس بالاتفاق معهم على الترشح.
ما البديل؟
لابد من الضغط الشعبى حتى يستطيع الشعب أن يقول لا وبقوة ولابد أن يشعر الشعب المصرى بأن الحرية والإرادة السياسية الوطنية أهم من المأكل والملبس، العرب قديما قالوا: «جوع كلبك يتبعك»، وللأسف هناك من ينظر إلى الشعوب على أنها كلاب تتبعهم فيجوعونها لتظل تحتاج إلى لقمة يمدون أيديهم بها إليهم.
هل نجحوا في سياسة التجويع؟
نعم نجحوا فلابد من توعية الشعب عن طريق الإعلاميين والتربويين وكل من لديه فكر وحكمة فالمثقفون عليهم ألا يعيشوا لأنفسهم.
كيف تنظر لمصر الآن؟
ربنا يأخذ بأيد مصر ويخلصها من الكابوس، فمصر قوة لها ثقلها بالمنطقة إلى جانب تركيا وإيران.
ما البلد التى ترتاح فيه؟
مصر البلد الوحيدة التى أرتاح فيها وأحب أن أستقر به.
الشروق